إذا أردت أن تنال إحترام الناس فعليك إحترام نفسك أولا

إذا أردت أن تنال إحترام الناس فعليك إحترام نفسك أولا

قضايا عامه وأراء





جريدة الأهرام 12/3/2012

العشوائيات مشكلة يمكن حلها
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

تميزت القاهره مثلها مثل الإسكندرية وباقى محافظات مصر من شمالها لجنوبها على مدار سنين طويلة مضت وخلال القرن الماضى وحتى السبعينيات بالتخطيط العمرانى الجيد من حيث توزيع المبانى السكنيه وإرتفاعاتها والمساحات الخضراء وتوزيع الطرق الداخلية ومساراتها المختلفة , بإستثناء الفتره ما بين عام ألف وتسعمائه وسبعه وستين وحتى حرب أكتوبر عام ألف وتسعمائه وثلاثه وسبعين , حيث أنشغلت الدوله في تلك المرحله بالإستعداد لحرب التحرير على حساب الكثير من المرافق والبنية التحتية , ومع بداية فترة الثمانينات بدأت بوادر على السطح بوادر لظاهره غاية فى الخطوره لم تولها الدوله آنذاك إهتماماً ولم يلتفت المسئولون لحجم المشكلة الناتجه عن هذه الظاهره الشيطانية والتى تمثلت فى بناء البعض مساكن وعمارات بصورة غير قانونية وبدون تصاريح وعلى مساحات من الأراضى الغير مخصصه للبناء , بل أن معظم هذه المبانى أقامها مقاولون دون اللجوء لمهندسين متخصصين , وقد بنيت غير مطابقة لأي مواصفات هندسيه وبسرعة غير عادية وبدأت بالأنتشار كمرض السرطان , ووصل البعض منها إلى إرتفاعات شاهقه وأستغل أصحابها حاجة الكثير من الناس لإمتلاك شقة سكنية بسعر قليل إلى حد ما بالمقارنة بالمبانى التى تنشأ بطرق قانونية وشرعية , وقد أطلق المجتمع المصرى على تلك المبانى السرطانية لفظ العشوائيات نظراً لبنائها وظهورها بصورة غير مخططه أو مدروسة , ولا شك ان هناك عوامل أدت وساعدت على ظهور وأنتشار تلك العشوائيات منها فساد الزمم فى المحليات وإنعدام الضمير سواء من بعض المسئولين العاملين فى الأحياء وبعض موظفيها الذين قبلوا الرشاوى وأرتضوا لأنفسهم بالمال الحرام مقابل السماح لأصحاب تلك المنشأت بالإستمرار فى أعمالهم الشيطانية , بل أن هؤلاء أيضاً مسئولين بصوره مباشرة عن تلك الظاهره مثلهم مثل شركائهم من الموظفين الفاسدين الذين ساعدوهم على إتمام جريمتهم ولم يقتصر الأمر على ذلك بل وصل بالبعض من هؤلاء الملاك أنهم باعوا الشقق وتركوا أصحابها بدون توصيل المرافق الاساسيه مثل الكهرباء والمياه , بل رأينا منازل يصل إرتفاعها إلي ثماني وعشرة أدوار بدون مصاعد كهربائية ولا أى خدمات , وهكذا أستمر هذا العمل الغير قانونى الذى استهوى الكثير من أصحاب الزمم الخربه , لتنتشر تلك العشوائيات أكثر وأكثر وتمتد لتلهم مساحات جديدة من أرض مصر الخضراء , وتختفى معها زراعات كانت تمد المواطنين بخير الأرض من الخضر والفاكهه والمحاصيل , وأنتهى الحال لأن أصبحت معظم محافظات مصر تقريباً وليست القاهره فقط تعانى من العشوائيات التى باتت تتخللها وتحيطها من كل جوانبها المختلفه بل وأمتدت لتلاصق أحياء العاصمة المختلفة وخلال السنوات الماضية تعرض الألاف من المصريين لكوارث إنسانية بسبب تلك العشوائيات ولعل كارثة الدويقة  لخير مثال على ذلك والذى راح ضحيتها مئات الابرياء وتشرد مثلهم هذا بخلاف ما أحتضنته تلك الأماكن من بؤر إجرامية مختلفة نتيجة الغياب الأمنى التام داخل تلك التجمعات العشوائية , ومع كل هذا فإنه وحتى الأن لم تظهر أى بوادر حكومية لحل تلك المشكلة وكأن مصر جفت من أفكار علمائها وباحثيها القادرين على تقديم حلول وأفكار لمثل هذه الظاهره التى لو أستمرت أكثر من ذلك لتحولت مصر بكاملها خلال عشر سنوات لدوله عشوائية ولعلي اليوم ونحن على أعتاب بناء الدوله الحديثه بعد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير أطرح رأياً قد يكون قابل للدراسه أو التعديل و الأضافة من خلال المسئولين والخبراء ليصلح كحل لمشكلة سكان العشوائيات الذين لا ذنب لهم ولاناقة ولكن دفعتهم ظروف الحياه القاسيه للجوء والعيش بتلك الأماكن, والفكرة تعتمد على أن الدولة خلال السنوات الماضية سمحت للقطاع الخاص فى مجال البناء والتشييد بشراء مساحات كبيرة من الصحراء حول القاهره ومدن أخرى وتحويلها لمنتجعات سكنية للقادرين , ولاحظنا كم دفعت المليارات من أجل شراء الفيلات والقصور من قبل الألاف لإمتلاكها والسكن بها وهذا شيئ جيد لا غبار ولا إعتراض عليه ولكني أرى أن الدوله لا زالت تمتلك المساحات الأكثر من تلك الأراضى الصحراوية حتى الأن , وهنا يمكن للدولة أن تقوم بنفسها ببناء تلك التجمعات السكنية الفاخره وبيعها للمواطنين القادرين فى صورة فيلل ومنشأت خاصة , وغالباً فأن المصريين يفضلون دائماً الشراء من الحكومة نتيجة تراث ثقافي قديم جداً ’ وسوف تكون النتيجة تحقيق دخل يقدر بالمليارات يدخل ميزانية الدولة , وهنا على الحكومه ألا تضخ هذه المبالغ المتحصله من بيع هذه المنشأت  فى ميزانيتها العادية بل تخصص صندوق لذلك , ومن خلال تلك الأموال وما تملكه الدولة من مساحات فى أماكن أخرى كبيرة من الصحراء تقوم الحكومة متمثله في وزارة الإسكان  ببناء مساكن جديدة فى صورة تجمعات لمنازل بمواصفات وارتفاعت هندسيه سليمه مزوده بالمرافق والخدمات والطرق ويتم توزيع وحداتها السكنيه بالمجان تماماَ على سكان العشوائيات كدور وواجب وطني للدوله وبذلك يكون هناك حافز لهم على مغادرة المساكن العشوائية التى يقيمون بها , وهذا لن يكلف الحكومة شيئا فمن المال الذي جمعته من بيع الفيلات والقصور سوف تبنى به مساكن على أن يتضمن عقد التمليك لكل أسره على عدم أحقيتها لبيع تلك الوحدات أو تأجيرها حتى نضمن ألا يتاجر السماسره والمستغلون بالفقراء وهذا هو المعنى الحقيقي للعدالة الإجتماعية التى نادت بها الثورة ,وقد يندهش البعض من فكرة تمليك الشقق بالمجان لسكان العشوائيات وكيف أن الحكومة لاتأخذ حتى ولا جنيهاً وحداً مقابل هذا , وهنا أقول أن هذا هو الواجب الحقيقى للحكومة وهذا هو الدور الفعلى للدوله خاصة و أننى كما أشرت من قبل أن الحكومه لن تدفع أى أموال من خزانتها ولن تقترض بل ستفعل هذا مما حصلت عليه من عملية البيع للقادرين وهكذا يمكن تنظيم هذه الفكره بصوره منظمة ومخططه بطريقة علمية مدروسة يقرها المهندسون والعلماء المتخصصون فيدلون بدلوهم بالصوره العلمية القابلة للتطبيق ونشرها على مستوى جميع محافظات مصر المختلفة , أما الأماكن التى سوف يتم أخلائها من السكان القدامى بعد نقلهم لمنازلهم الحديثة , فمن المتوقع أن تقدر أثمان أراضيها بأسعار كبيرة للغاية وهنا يمكن أن تجنى الدولة فى هذه المرحلة أرباحاً طائلة من بيعها كمواقع استثمارية ’ وتحويل البعض منها لمساحات خضراء تمثل رئه صحية داخل المدينة , وتكون هناك فرصة لإعادة التخطيط العمرانى مره أخرى على أسس سليمه و حديثة طبقا للمواصفات العالمية للمبانى والطرق ’ وهنا يكون العائد الكبير على الدولة والمواطن كبير للغاية .
أننى أؤمن إيمانا راسخاً بأن العلماء والباحثين المصريين يملكون أفكاراً وحلولا علمية عديدة منها الكثير الذين يمكن أن يحل مشاكل ضخمة تواجهها مصر فى جميع المجالات , ومعظم هذه الأفكار هى حصيلة دراسات وبحوث أجريت خلال أعوام كثيره بجامعات مصر ومراكزها البحثية و لاشك أنه يكون تقصيراً من الدولة ألا تستفيد من تلك الأفكار ونتائج البحوث , بل أن عدم الأستفاده منها وتطبيق نتائجها بصوره واقعية يعتبر فى  نظرى خطأ كبيراً لن تعفينا من مسئولية الأجيال القادمة وقبل هذا وذاك سوف يحاسبنا المولى عز وجل على هذا التقصير حساباً عسيراً, ولنكن صرحاء و أمناء مع أنفسنا فإن هذا يحتاج ألى إراده سياسة حقيقية لتحقيق ذلك 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الدستور7/3/2012
كيف نختار رئيساً
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

أيام قليله تفصلنا عن التاريخ الذى تم تحديده لفتح باب التقدم للترشح لرئاسة الجمهورية وقد أصبح هذا الموضوع هو أكثر ما يشغل بال المصريين فى هذه الأيام , فهذه أول مره منذ مئات السنين يختار الشعب االمصرى بكامل إرادته رئيساً للبلاد وقد تعود المصريون على مدار التاريخ أن الحاكم يأتي مفروضاً عليهم ففى فترة حكم أسره محمد على كان الحكام  يتوارثون السلطه الواحد بعد الأخر دون أن يكون للشعب رأي فى ذلك وبعد قيام ثوره يوليو عام الف وتسعمائه وأثنين وخمسين حكم مصر اللواء محمد نجيب الذى عينة مجلس قيادة الثوره أنذاك ثم جاء بعد ذلك جمال عبد الناصر ليطيح به وينصبه المجلس أيضاً رئيساً لمصر وبعد وفاتة تولى نائبه أنور السادات رئاسة البلاد حتى لقى مصرعة على أيدى الحركه الجهادية الأسلامية فتولى نائبه أيضاً حسنى مبارك الرئاسة وأستمر حتى قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير العام الماضى , فتتغير الأحوال ليصبح للمصريين رأياً فى إختيار حاكمهم لأول مره منذ مئات السنين  واليوم بات القرار فى إيديهم , وأصبح أمامهم خيارات متعدده لكى يفاضلون ما بين أكثر من شخصية لتولى هذا المنصب الرفيع , بل أن الظروف التى تمر بها مصر الأن خاصة بعد قيام الثوره جعلت المسئوليه تقع فى المقام الأول على الشعب عند إختياره للرئيس القادم , لأن المواطنيين سوف يتحملون تبعية إختيارهم لمدة 4 سنوات هى فترة الرئاسه المتوقعه للرئيس القادم كما حددتها المواد المنظمة لذلك فى الدستور , وهكذا باتت عملية إنتخاب رئيس مصر القادم تحتاج منا نحن أهل مصر أن ندرك أن قرارنا لم يعد سيخضع لضغط من هنا أو هناك بل أن هذا القرار النابع من داخلنا إنما لابد أن يعتمد على معايير وأسس لهذا الإختيار , أننا يجب أن نراعى عندما نذهب لصناديق الأقتراع ونضع صوتنا فإن هذا الصوت لابد وأن يذهب لذلك الأنسان الذى يملك روية مستقبلية لمصر إنسان يعرف أن منصب الرئيس ليس موقعاً لجمع المغانم وتوزيع خيرات مصر على الأحباب والأصدقاء , أننا نريد رئيساً يحكم بالعدل وبما أمر المولى عز وجل فى جميع كتبة السماوية , يعرف أنه جاء من الشعب ولم يفرض علية , أن مصر تستحق رجلاً يدير شئون البلاد ولا يسوق العباد أننا نتطلع لرئيس يشعر بجوع الفقراء وألام المرضى , لا تغفل له عين أذا أشتكى مصرى فى حلايب وشلاتين أو السلوم أو رفح أو فى النوبه , رئيس مصر القادم يجب أن يدرك أنه لافارق بين مسلم وقبطى ولا رجل و إمرأه ولا شاب وكهل فالجميع عليهم واجبات ولهم حقوق , ولايجوز لمن سيحكم مصر فى الفتره القادمة أن ينحاز لفئه دون اخرى , أو يهمل فى حق مواطن لحساب أخر , أننا نريد أن نختار رئيساً يحترم أرتباطات مصر الدولية وأتفاقياتها مدركا أن مصر العربية كانت وستظل منارة العالم العربي وأن مصر الأفريقية هى التى تحتضن مشاكل وألام وطموحات قارتها , نعم نريد رئيسا ً يتمسك بسلام الأقوياء , وعلينا أن ندرك جميعاً أن من سيتولى مسؤلية إدارة البلاد لابد وأن يكون مؤمناً بقيمة العلم والعلماء فى بناء الدولة الحديثة , وأن بلد به نسبة أمية مرتفعة لايمكن أن يحقق تقدم أو طفرات تنموية , أننا عندما نذهب لصناديق الأقتراع فإننا لابد أن نختار رئيساً يعلم أن الله سبحانه وتعالى حبى مصر بخيرات كثيره وطبيعة خلابه وكنوز من الأثار التاريخية وكل هذه النعم هى خير لمصر يأتى لها الزوار من كل أنحاء العالم لكى يشاهدونها فلا يجوز أن نحرم أحباب مصر وزوارها من الأستمتاع والأفتتان بتلك الكنوز وهكذا أصبح لزاًما علينا نحن أبناء مصر الشامخة أن ندرك عندما نتوجه جميعا لننتخب  رئيس مصر القادم أن نضع نصب أعينينا أن ننحى جانباً مشاعرنا العاطفية وننزع من قلوبنا أحاسيبس الحب والكره , أننا لا يجب أن ننساق وراء من يلعب على الأوتار الحساسه , كما يجب أن نفرق بين من يغازل طموحتنا وأحلامنا وبين من يعرف كيف سيحول تلك الأمانى لواقع ومستقبل فعلى , ولاشك أن أصواتنا فى الأنتخابات البرلمانية شئ وأصواتنا فى الأنتخابات الرئاسية شئ أخر, فالبرلمان به مئات الأعضاء , فإذا حدث ولم أكن موفقا فى أختيار واحد أو أثنين أو حتى ثلاثه من الأعضاء فإن هذا لن يوثر فى القرارات الجماعية للمجلس , أما عند أعطاء صوت للرئيس القادم  فالامر مختلف تماماً فالرئيس واحد و قراراته إن صابت أو خابت تتحملها الأمه جمعاء , وهكذا أصبح علينا وضع المعايير التى ذكرنها نصب أعينينا ونترك المشاعر الأنسانية جانبا ونختار من هو أصلح فى الفتره القادمه .
إن مصر بشعبها وحضارتها وتاريخها و وضعها الأقليمى العالمى تستحق رئيساً يمثل هذا الشعب العظيم ويعبر عن هذه الحضاره وذلك التاريخ العريق , رئيساً يعمل من أجل بناء دولة العلم والأخلاق.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة الدستور 8/2/2012

أرض مصـر وكيف نعمرها
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

منذ بدأت الحضارة المصرية القديمة على ضفاف نهر النيل العظيم ،عاش المصريون واستمروا حتى يومنا هذا على جانبيه يسكنون ويزرعون ويعملون ،ويتميزون دون الشعوب الأخرى بتمسكهم الشديد بأرضهم وبالمكان الذى ولدوا به وتربوا وترعرعوا على خيراته، مما جعلهم يرتبطون بالنهر والأرض من حوله ونجد أن معظم مساكنهم متلاصقه وقريبه من بعضها البعض،الجيران قريبون وتربطهم علاقات قويه ودافئه، والمصرى لا يحب الهجره والبعد عن أرضه رغم أن هذه الثقافه تغيرت قليلاً فى الخمسين سنه الماضيه نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبه التى بدأت تشهدها مصر مما جعل البعض يسافر للخليج والأخر يسافر غرباًوشرقاً بحثاً عن فرصة عمل وزيادة الدخل وكل منهم سافر على أمل العوده مرة أخرى لمصر بعد تحسن الأحوال والذين ظلوا خارج مصر ولم يعودوا لها أقل بكثير من العائدين ولو بعد فترات طويله،فلا زال عشق ترابها يتغلغل فى نفوس أبناء هذا الشعب العريق المتمسك بمصريته.
 والمتابع لتطور الحياه بمصر على مدار الآف السنيين وحتى اليوم يلاحظ أن التوزيع السكانى للمصريين يكاد يكون كما هو فالمصريون يتوسعون ولكن بصورة ضعيفه مرتبطه ايضاً بالشريط الضيق الملاصق للنيل،ولقد كانت هناك محاولات من الدوله لإستغلال الصحراء مثل مشروع الوادى الجديد ومشروع مديرية التحرير ومحاولات تنمية المدن الساحليه بسيناء والبحر الأحمر ومشروع توشكى الذى تدور حوله علامات إستفهام كثيرة الا أن معظم نتائج تلك المشروعات لم تأتى بالنتائج المرجوه ولم تحقق الأهداف الحقيقية لفكرة نقل التجمعات السكانية خارج الوادى الضيق واذا نظرنا للمساحه الحقيقية التى يعيش عليها السكان المصريين سوف نجدها لا تزيد عن 10% تقريباً من المساحه الكلية للأراضى المصرية وهذه كارثه حقيقية بكل المقاييس فلا يعقل أن تكون دوله يقدر تعداد سكانها بحوالى الخمسه وثمانين مليون نسمه ويعيشون كلهم فى تلك المساحه الضيقه ،لهذا أصبح من الضرورى التحرك من قبل الدوله فى الفترة القادمه نحو إعادة تخطيط الأراضى المصريه بما يسمح بإعادة توزيع الخريطة السكانية على المساحه الكلية لمصر وفى رأي أن ذلك يمكن أن يحدث لو أننا قمنا بتقسيم خريطة البلد على صورة ورقة الرسم البيانى بمعنى أن يتم التقسيم طوليأً وعرضياً بخطوط تكاد تكون مستقيمه فتتحول مساحة الأراضى المصرية الى مربعات بيانيه وتقوم الدوله بتحويل تلك الخطوط الى طرق مجهزة على مستوى عالمى ومتصله فى نهايتها بطريق دائرى دولى يحيط بالاربع جهات التى تمثل حدود مصر خاصة أن ضلعين من أضلاع هذا الطريق موجودين بالفعل وهما الطريق الساحلى الدولى من شرق مصر لغربها والثانى الطريق الراسى الساحلى من بورسعيد ويمتد على شاطئ البحر الاحمر حتى حلايب وشلاتين ويتم تجهيز تلك الشبكة من الطرق بالخدمات اللازمه ،وتقسيم الأراضى حول هذه الطرق بمساحات مختلفة تتناسب مع عدة أغراض أقتصاديه وزراعية وخدميه وسكنيه مما يفتح فرص للأستثمار بتلك المناطق وخلق حياة جديدة تعتمد على المصادر الغير تقليديه فى الطاقه ،مثل الشمس والرياح وكذلك الأستفادة بالمياه الجوفيه بعيداً عن إستهلاك حصة مصر من مياه النيل،مع إستخدام الطرق الحديثه فى تحلية المياه المالحه المتوفرة فى أبار تحت الأرض كوسيله لتوفير المياه العذبه، ،ولا شك أن هذا يكلف الدوله الكثير إلا أننى أعتقد أن هذا المشروع سوف يلاقى ترحيب كبير جداً من الدول المانحه والبنك الدولى وقد تمنح لمصر قروض ميسره جداً لاتمام تلك الشبكه من الطرق وسوف يؤدى هذا المشروع بالطبع وبصورة مباشرة لعملية تنمية ذاتية على جوانب تلك الطرق ما تلبث أن تمتد وتتسع لتشمل الأراضى المصرية كلها ولعل ما حدث فى طريق مثل طريق وادى النطرون الذى يربط بين طريق الأسكندرية القاهرة الصحراوى والساحل الشمالى لخير دليل على ذلك،وقد أصبحت المشاريع التنموية على جانبه الآن تزداد يوماً بعد يوم وهكذا فأن إنشاء تلك الشبكه من الطرق على مستوى الدوله بالكامل سوف يخلق حياه جديده تعمل على جذب العمال والفنيين والخبراء والسكان لتلك المناطق وهكذا يمكن خلال عشرين أو ثلاثين سنه نقل الملايين من المصريين من الوادى القديم إلى صحراء مصر وهنا تكون الدوله قد تمكنت من وضع خطة حقيقية لاستغلال أرض مصر الشاسعه.
أن هذه الفكره وغيرها من الأفكار لا شك أنها تحتاج لدراسات علميه متخصصة للتأكد من إمكانية تطبيقها إلا أننا نحاول أن نجتهد ونبحث لتقديم أطروحات جديدة خلال المرحله القادمه التى يستعد الشعب المصرى خلالها لبناء دولته الحديثه وهذا لا شك يحتاج للإرادة الحقيقية والعزيمة والجرأه والقدرة على إتخاذ القرارات المصيريه لتحويل تلك الأفكار لواقع يستفيد به المواطن والوطن بصفة عامه.
 



                                  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة الدستور 30/11/2011
الحرية التى نتطلع إليها
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

مرت مصر خلال العقود الماضية بتغيرات سياسية كبيرة بدأت مع مطلع القرن العشرين الذى شهد واحدة من أكبر ثورات الشعب المصرى الكبير عندما هب أبناء هذا الشعب بطوائفه المختلفه من جميع أركان الوطن رافعين مشاعل ثورة 1919 معبرين عن آمالهم وطموحاتهم فى استنشاق نسيم الحرية والعيش بكرامة، ومنذ ذلك الوقت توالت على مصر رياح وطنيه تحمل تطلعات هؤلاء المصريين ،شارك فيها رموز تاريخية مثل مصطفى كامل ومحمد فريد وغيرهم من الوطنين الذين تذخر بهم هذه الأمه التى كانت دائماً منارهة الحريات للعالم العربى والافريقى.
 وقد شهد النصف الأول من ذلك القرن حيويه سياسيه كبيره فكانت الأحزاب المصرية تتنافس فى خدمة الوطن وتتبادل المقاعد فى البرلمان،وكانت الحركات الشعبية وقوتها فى الشارع تقيل حكومات وتأتى بحكومات، كان كل هذا يحدث رغم وجود أشكال مختلفة من الفساد السياسى ووقوع الدولة تحت طائلة الإستعمار الإنجليزى ومغامرات القصر الغير محسوبه مما جعل الشعب يشعر بضرورة التغيير من أجل الحرية ،فكانت ثورة يوليو 1952 التى التف حولها كل المصريين واضعيين كل آمالهم على أكتاف هؤلاء الشباب الذين قاموا بتلك الحركة التى قلبت الخريطة السياسية، ولكن وبمرور الوقت تبخرت آمال المصريين مع تحول النظام فى مصر لحكم الفرد وتحولت مصر إلى بلد تحكم بنظام الحزب الواحد، ويتولى حكمها رئيساً واحداً يأتى بالإستفتاء وليس بالإنتخاب وأختفت الحريات وباتت القرارات تأتى للناس بصورة فوقية، ولم يعد هناك وجود لصوت ورأى المواطن المصرى، وهكذا صارت الحياة السياسية مثل مباريات الكره هناك من يلعبون فيفوز من يفوز ويخسر من يخسر أما الشعب المصرى فهو جمهور تلك المباريات يتفرج ويشاهد يضحك أحياناً ويبكى أحياناً ولا حول له ولا قوه فأختفت الحريات وتبخرت الأمنيات وأصبحت الأمور تسير عاماً بعد عام على وتيرة واحدة ،رئيس يحكم وشعب يبحث عن قوته اليومى ويعيش على أمل أن يأتى اليوم الذى يسترد فيه حريته ويمتلك إرادته وتصبح كلمته هى التى تسمع وتحترم،وهكذا صارت الأمور حتى قامت ثورة 25 يناير فخرج الشعب على قلب واحد يرفع شعار حرية ،عيش، عدالة اجتماعية ،لقد خرج المصريون يسعون من أجل الحرية فكان أول شعار لهم فهم يدركون أن الحرية هى بداية الإصلاح والحياه الكريمه التى يتطلعون لها. والحرية التى نحلم بها كلمة تحمل فى باطنها معانى كثيرة تمثل خريطة طريق للحياة التى يجب أن نعيشها جميعا ،فالمعنى الحقيقى لهذه الكلمة لابد وأن ندركه جميعاً فهناك فارق كبير بين الحرية والفوضى ،وأقول هذا وأنا أتابع منذ فتره وخلال الأشهر الماضية الكثير مما يحدث ولكنه يكاد يكون بعيد تماماً عن المعنى الحقيقى للحرية،فمن غير المعقول أن تحرق المنشأت وتقطع الطرق ويوقف العمل فى المصالح ونسير فى الشارع عكس الإتجاه ونرفع الأسعار بعشوائية وإنتهازية وتبنى المنازل على الأرض الزراعية ويتم الإستيلاء على ممتلكات الغير ونهاجم ونسب ونتهكم على كل من يخالفنا فى الرأى، كل هذا لا يمثل أى شيئ من مبادئ الحرية التى نعرفها ونحلم ونتطلع إليها ، فالحرية التى يتسحقها هذا الشعب العظيم لها معنى مختلف تماماً فهى تعنى أن يحترم كل منا رأى الأخر وهى تعنى أننى أؤدي عملى بإخلاص وبما يرضى الله ،الحرية هى أن لا يغش التاجر فى بضاعته ولا يقبل الموظف الرشوة من راشى ، الحرية هى أن نحافظ على حياتنا وحياة الاخرين ،الحرية هى أن يحترم الطالب معلمه ووالديه وأن ينظر الكبير للصغار بعين العطف والحب،أننا نتطلع للحرية التى تقدم لنا وسائل إعلام صادقة تنقل الأفكار والأراء المختلفة دون أن تفرض رأيها أو تقدم صورة غير مطابقة للواقع،الحريةالتى تعنى أننى أخاف على جارى وزميلى فى العمل كما أخاف على إبنى وأخى ،نتطلع للحرية التى يستطيع كل مصرى أن يقول رأيه دون أن يقصف قلمه أو يكمم فمه أو تصادر حريته أننا نتطلع للحرية التى من خلالها يشعر المسلم والقبطى والمرأه والشاب أسمر أو أبيض أنهم جميعاً مصريون فى وطن كبير يحتضنهم جميعاً لا يتحيز أو ينحاز لأى منهم .  
              ــــــــــــــــــــــــــــ
 
جريدة الأهرام 14/1/2012
مستقبل مراكز البحوث المصريه
الدكتور / هانى الناظر

ترددت كثيراً قبل الكتابه فى هذا الموضوع وفى هذا التوقيت بالذات باعتبار ان الأولويه الأن لدى الجميع حكومة وشعباً تنصب فى اجراء الانتخابات البرلمانية واعداد دستور البلاد وانتخاب رئيس الجمهورية واعادة الأمن والأستقرار للبلاد وعودة الهدوء للشارع المصرى، الا أن قرار الدوله فى وسط خضم الأحداث الجاريه بالموافقه على إنشاء مدينة زويل العلمية بل واتخاذ اجراءات على أرض الواقع لتنفيذ المشروع بمدينة الشيخ زايد وتخصيص مقرا ادارياً للمدينه بحي جاردن سيتى، جعلنى أشعر أن الدوله تضع ضمن أولوياتها فى هذه المرحلة الاهتمام بقضية البحث العلمى، خاصة بعد قرار السيد رئيس الوزراء بفصل وزراة البحث العلمى عن التعليم العالى فرأيت أن أطرح اليوم قضية فى غاية الأهمية والخطورة،وهى قضية مستقبل مراكز البحوث العلمية ،التي بدأت فكرة أنشائها عندما أدركت الإدارة الإدارة المصرية فى أوائل القرن الماضى أهمية وقيمة الدراسات والبحوث العلمية بجانب الدور التعليمى والتنويرى للمدرسة والجامعة فكان قرار إنشاء أول مركز بحث علمى متخصص فى ذلك الوقت وهو مركز البحوث الفلكية والجيوفيزيقية والذى يحمل نفس الاسم حتى يومنا هذا وفى أوائل الثلاثينيات من نفس القرن بدأت فكرة إنشاء مركز بحثى اخر متعدد التخصصات واستمرت الدراسات حتى قامت ثورة يوليو عام 1952 وتحولت الفكرة  الى واقع فتم إنشاء المركز القومى للبحوث عام 1956،ثم تزامن معه فكرة ضرورة أن يكون هناك مركزاً أخرا للبحوث الإجتماعية وبالفعل إنشئ المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ثم توالى بعد ذلك إنشاء مراكز بحوث أخرى متخصصة وأكبرها مركز البحوث الزراعية ،وأنشأت أيضاً أكاديمية البحث العلمى لتكون بمثابة منارة علمية لمصر وللمنطقة العربية والافريقية، وإستمر إنشاء المراكز البحثية فى جميع المجالات ،الى ان وصل الحال أن كل وزارة من الوزارات المصرية اصبح لديها مركزاً بحثياً يجرى علماؤه وباحثيه دراسات فى مجال التخصص التابع لتلك الوزارة ،وقد أحتضنت تلك المراكز البحثيه الالاف من المتفوقين من أوائل الجامعات المصرية فى كل التخصصات ليعدوا دراسات الماجستير والدكتوراه ويجرون الأبحاث ويسعون لتطبيق نتائج تلك الابحاث ليخدمون بلدهم ويردون لها الجميل من خلال العمل على تقديم كل ما هو جديد فى العلم لتطوير الزراعة والصناعة والصحة والبيئة والعمل على تحقيق الرفاهية ورفع مستوى معيشة المواطن ،وحل المشاكل التى تواجه القطاعات الانتاجيه بكل تخصصاتها وفي سبيل ذلك أنفقت الدولة المصرية من ميزانيتها التى تعتمد فى معظمها على دافعى الضرائب الملايين من الجنيهات لبناء تلك المراكز وتزويدها بالامكانيات والاجهزة واعداد الكوادر البحثية والعلمية وارسال البعثات للخارج ،كل ذلك من أجل تحقيق الإستفادة المرجوه من تلك المراكز، وإحقاقاً للحق فلقد قدم هؤلاء العلماء الغالى والنفيس وتحملوا الكثير من الصعاب والمعوقات الإدارية وغير الإدارية، وعانوا من قلة الموارد والإمكانيات ومن المنافسه الشرسه على المستوى الأقليمى والدولى، وكان لهم إنجازات علمية حقيقية، فى المجال الزراعى التطبيقى ،وفى بحوث البيئة والمياه،والصناعات الكيماويه والنسيج والسيراميك و الصناعات الكيماوية والصناعات الدوائية والهندسية والغذائية وفى المجالات الصحية والطبية من تشخيص وعلاجات جديدة،وشاركوا زملائهم من أساتذه وعلماء الجامعات المصرية فى الاشراف على ألاف الرسائل العلمية والابحاث الأكاديمية والتطبيقية، ومثلوا مصر خير تمثيل فى المحافل الدولية والعربية ولعل نجاح باحثي المركز القومي للبحوث بالتعاون مع العالم الكبير الدكتور مصطفى السيد في أبحاث علاج السرطان بجزيئات الذهب المتناهية الصغر لخير دليل على تلك الإنجازات العظيمة لهولاء العلماء، والمجال هنا لا يتسع لسرد الإنجازات العديدة الأخرى , وكل ذلك بالرغم من كل ما عانوه من قلة الدخول والرواتب وضعف الرعاية الاجتماعية والعلمية، وغياب وجود رؤية واضحة لإستراتيجية العلم فى مصر، إلي جانب عدم تسليط الإعلام المصرى بصورة كافية على جهود وإنجازات الكثير منهم، عدا بعض الحالات القليله ممن ساعدتهم الظروف على إظهار إبداعاتهم، وهكذا مضت الأيام والسنون، وعلماء مصر وباحثيها من أبناء تلك المراكز البحثية ينحتون الصخر بإصرار وعزيمه فلم يترك الكثير منهم الوطن ويهربون للخارج أو يهجرون وطنهم كما فعل القليل منهم، وإنما بقوا ليعملوا فى صمت ولا يزالون على إصرارهم من أجل التضحية بكل شيئ من أجل مصر، يتطلعون لغد قريب تتغير فيه الأمور، ويصبح العلم هو القضية ذات الأولويه القصوى للدوله المصرية الحديثة، إلا أن هذا التطلع والحلم الشرعى لهؤلاء العلماء لابد له من خطوات وإجراءات على أرض الواقع نستشعر منها جميعاً أن هناك نية حقيقية لإعادة مراكز البحوث المصرية لمسارها الأصلى من خلال النظر اليها بعين الرعاية والاهتمام، مثلما قررنا أنشاء مدينة زويل العلميه والتى مثلت حلما قديماً للمصريين بكل طوائفهم. لقد أن الأوان لأن تضع الدوله رؤيه واضحه لمستقبل أكثر من أربعين مركزا بحثيا علميا متخصصاً يضم أكثر من ثلاثين ألفا من خيرة شباب وعلماء مصر المتميزين. فتلك المراكز تحتاج لنظم أدارية جديدة ولوائح عصرية تتناسب مع التقدم العلمى المذهل الذى يدور حولنا . وهي تحتاج لتولى قيادات ذات خبرات وكفاءات على أعلى مستوى وهى فى أمس الحاجة  لإعادة تحديث بنياتها التحتية وإمدادها بأحدث الأجهزة العلمية وتوفير جميع الوسائل الألكترونية اللازمة لمكتباتها وأقسامها البحثية . كما أن رصد ميزانية كبيرة لأجراء البحوث العلمية باتت ضروره ملحة . كل ذلك بجانب النظر للكوادر البحثية بتلك المراكز من حيث وضع تصور واقعى للرعاية الصحية والإجتماعية لهم وزيادة دخولهم من خلال أليات حديثة للتمويل مما يجعل هؤلاء العلماء يعملون في ظروف تسمح لهم بالأبداع والتفوق وتقديم أنجازات علمية تخدم القطاعات المختلفة، بل أن خلق مناخ من الحريات الأكاديمية يسمح لهؤلاء الباحثين بالعمل دون قيود أو أسقف تحد من أفكارهم ورؤاهم أصبح ضرورة ملحه .أننا إذا أردنا نهضة علمية شامله لمصر فى المرحلة القادمه فإن الدوله عليها أن تنظر لمراكز البحوث المصريه نفس النظره التى تتصورها لمستقبل مدينة زويل العلمية وفى رأيى إن نجاح مستقبل مدينة زويل مرتبط بنجاح منظومة البحث العلمى المصرى ككل كما أن الأهتمام الحقيقى بتلك المدينة الجديدة يبدأ فعلياً بالأهتمام بالمراكز البحثية المصرية الأخرى وبالجامعات المصرية وقبل كل هذا وذاك الإهتمام بالتعليم في المدارس والجامعات،هكذا تكون النظرة الشاملة لإحداث طفرة علمية حقيقية تحقق أحلام المصريين نحو غد أفضل، أما التركيز على جهه بحثية علمية واحده فقط دون النظر للبحث العلمى المصرى بصورة شاملة فإن ذلك قد يطيح بالحلم الذى انتظرناه طويلاً من خلال إنشاء مدينة زويل ,إن الدولة في المرحله القادمة عليها كما ذكرت أن تضع تصورا شاملاً للنهوض بمراكز البحوث المصرية وتحويلها الى منارات علمية جنباً الى جنب مع مدينة زويل مما يخلق مناخ للتعاون والتكامل بين كل تلك الجهات العلمية يؤدى إلي ظهور إنجازات علمية كبيرة يستفيد بها المجتمع المصرى بكل توجهاته الصناعية والزراعية والصحية والافتصادية والاجتماعية ولعل تجارب الدول التى كانت يوما ما تلهث وراءنا وأصبحت الأن دولاً كبرى مثل كوريا الجنوبيه خير مثال على ذلك، فلقد اهتموا بالتعليم والبحث العلمى، على مستوى الدوله بالكامل وليس على مستوى جامعة أو مركز بحثى واحد فقط .أننا جميعاً كباحثين وعلماء مصريين نقف جميعاً بقوه خلف مشروع مدينة زويل العلمية وبكل ما نملكه من مال وخبرات وعلم متطلعين لأن تولى الدولة نفس الإهتمام ببقيه المراكز البحثية العلمية المصرية، وذلك جانباً إلي جنب مع تلك المدينة العلمية العظيمة.


                                                        
               ــــــــــــــــــــــــــــ





جريدة الدستور11/1/2012




السياسه و العلوم
أ.د هانى الناظر
خلال عدة عقود وخلال الفترة التي سبقت ثورة يوليو عام 1952 توالى على إدارة مصر العديد من الحكومات التي شكلتها الأحزاب السياسيه في مصر وكان وزراء تلك الحكومات يغلب على خبراتهم ودراستهم النواحى القانونيه حيث كان معظمهم من خريجى كلية الحقوق وكان المفهوم السائد في تلك الأوقات أن من يمارس العمل السياسى سواء في إنشاء الأحزاب أو عضويتها وكذلك العمل العام لابد له من خلفيه قانونيه وظل هذا المفهوم إلي ما بعد قيام الثورة فبدأ الفكر يتجه نحو تعين الوزراء من أصحاب الخلفيات العلمية كالهندسة والطب والعلوم والزراعة والتجارة والأقتصاد وقد أطلق على هؤلاء فيما بعد مصطلح التكنوقراط أي الوزراء المتخصصين دون خلفيه سياسيه وخلال فترة الخمسينات والستينيات تنبهت الإدارة المصرية للدور الذي يلعبه الإقتصاد في الشئون السياسية للدول وبات الإقتصاد هو المحرك الرئيسى للسياسات العالمية  وأصبحت الأمم ذات الإقتصاديات القويه هي تلك الأمم التي تقود العالم من خلال السيطرة على الأسواق العالمية وتحريكها فى الإتجاه الذى يصب فى مصلحتها وبدأ الدور الذى يلعبه الأقتصاد في صناعة الدول يتنامى بل أن دولاً لم تكن على الخريطة العالمية سياسياً باتت دولاً ذات ثقل سياسى عالمى مؤثر نتيجة قوة نشاطها الأقتصادى وقد كان نتيجة كل ذلك أن اتجهت الدوله لإنشاء أول كلية جامعية تمنح درجة البكالوريوس في مجال الأقتصاد والعلوم السياسية أطلق عليها كلية السياسة والأقتصاد والتي تبنتها جامعة القاهره وكان الهدف من إنشاء هذه المدرسة العلمية هو إعداد الكوادر ذات الخبرات في مجال العمل السياسى بخلفية أقتصادية وقانونية بحيث تمتلك مصر قدرات بشرية في هذا المجال الهام وتكون هذه الكوادر بمثابة النواه لإعداد قيادات مستقبلية تتولى المسئولية في الأدارة والقيادة ،وقد نجحت هذه الكلية على مدار العقود الماضية في تخريج دفعات سنوية من الشباب الذين تبوئوا مواقع مختلفه في مجال العمل الدبلوماسى والسياسى والإقتصادى وتولى الكثير منهم مراكز هامه في البلد منهم من نجح ومنهم من لم يوفق وها نحن الآن نجد منهم قيادات حزبية وسياسية وصحفية وأصحاب فكر ورؤى ذات تأثير في النواحي السياسية والإقتصادية ولازالت هذه المدرسة العلمية تقدم لمصر أجيالاً جديدة تخدم في تلك المجالات مما يؤكد أن قرار الدولة فى ذلك الوقت كان قراراً صائباً ونجاح التجربة العلمية لابد وأن يجعل الإدارة المصرية تبدأ في دراسة إنشاء كلية جديدة في مجال أخر وهو مجال السياسة والعلوم وذلك من أجل إعداد خريجين دارسين للعلوم السياسية بجانب العلوم الطبيعية الأساسية حيث أن الافتقار لهذه الخبرات يمثل مشكلة كبيرة في الفترة الحالية بل وفي المستقبل القريب ولقد بات العلم وتطبيقاته هو القاطره التي تقود الإقتصاد وبات العلم هو المحرك الأساسي لنهضة الدول وتقدمها والمتابع لأحوال الدول العظمى الصناعيه يجد أن التقدم العلمي هو مفتاح نجاح تلك الدول وهو الوسيلة التي تحقق الرفاهية لشعوبها في الوقت الذى تعاني دولاً أخري للعديد من المشاكل الإقتصادية والأجتماعية والسياسية نتيجة ضعف منظومة العلم وافتقادها لسياسة علمية قادره على النهوض بتلك الدول ،ولاشك أن مصر تمثل نموذجاً واضحاً لهذه الشريحة من الدول التي أطلق عليها الدول النامية ولنكن صرحاء فلقد صنفت على أنها ومع الأسف الشديد ضمن دول العالم الثالث أي الدول التي تفتقر لمقومات التقدم ولعل واحد من أهم الأسباب التي أدت الي هذه الحاله هو إفتقار الشخصيات المصرية التي تولت مسؤليات القيادة ومواقع المسئولية ذات الطابع المؤثر في شئون البلاد خاصة الوزراء والمحافظين من أصحاب الخبرات العلمية من المهندسين والأطباء والعلميين وغيرهم ممن درسوا العلوم الأساسية والطبيعية مع إفتقارهم للخبرات السياسية نتيجة ضعف إلمامهم بأصول وقواعد العمل السياسى والإجتماعى مما مثل عائقاً كبيراً أمام هؤلاء عند توليهم أمور القياده وتحمل المسؤليه ،فغياب الرؤيه السياسية وضعف القدره على التواصل وفهم الأمور والإحساس بالمشاكل اليومية التي تمس حياة المواطن ومشاغلة ومتطلباته والوعي بثقافة المواطنين وعادتهم وتقاليدهم أمور كلها في غاية الخطوره تمثل حجز الزاوية عند وضع السياسات وإتخاذ القرارات المصيرية والمتابع للحياه السياسيه فى مصر خلال السنوات السابقه يجد ولا شك أن هذه العوامل مجتمعه كانت أسباباً قوية لفشل العديد من هؤلاء المسئولين وغيرهم من القياديين نتيجة إفتقادهم لتلك الخلفية السياسية رغم تميز بعضهم وتفوقه في مجاله العلمي فرأينا وزراء تفوقوا في دراستهم الأكاديمية ونالوا جوائز عالميه ومظاهر تكريم مختلفة وعندما تولوا المسئوليه السياسيه حققوا فشلاً زريعاً أدى ولاشك إلي الحالة التي وصلت إليها البلاد على مدار تلك السنوات.
لكل هذه الأسباب فإن فكرة إنشاء كلية جامعية جديدة في مجال هذا التخصص الهام باتت أمراً يحتاج من الدولة في المرحلة المقبله البدء في إجراء دراسات علمية على أيدى خبراء لوضع أسس إنشاء كلية أو أثنين على الأكثر ولتكن واحده في القاهره والأخرى في جامعة من الجامعات الأقليمية وتأخذ اسمها من هذا المجال الجديد ولتكن كلية السياسيه والعلوم. 
               ــــــــــــــــــــــــــــــ




الدستور 18/1/2012
  
العقل يفكر والقلب يحب ويكره
أ.د هانى الناظر


خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن صوره وقد ميزه عن بقية خلقه بنعمة العقل والتفكير. الإنسان مثله مثل كثير من الكائنات له عينان وله أذنان يسمع ويرى بهما كما تفعل سائر الحيوانات وله قلب يضخ الدماء في شرايين جسمه فتتحرك الأعضاء بتناسق وتكامل مستجيبة لإشارات وأوامر من المخ فيمضى ليعمل ويسعى ويعمر , وهذا ما يفرقه عن الحيوان وقد أكرم الله الأنسان بنعمة الإدراك ليميز بين الغث والسمين فيحافظ عليها ويحسن إستغلالها أفضل أستغلال . وقد أردت من هذه المقدمه أن أربط بين تلك الصفات الإنسانية وبين ما نراه ونسمعه حولنا فيما يخص الكثير من أمورنا العامه والحياتية .فلاشك أن الأنسان عندما يريد أن يكون صاحب رؤى وأفكار وأن يكون فاعلا في المجتمع ومؤثرا في مجريات الأمور وله رأى يؤخذ به ويحترمه الناس لابد له أن يعمل العقل في التفكير فلا تغلب عواطفة ومشاعره علي أرائه وقراراته ولقد عانينا نحن المصريين علي مدى عقودا ًمضت من الزمان من غلبة العاطفه في قرارات مصيرية تخص البلاد ومصالح العباد . فرأينا تعين المسؤلين طبقاً لقربهم من صانع القرار ومدي ولائهم له وكيف أن الكفائات والخبرات من الممكن أن يتم أقصائها لمجرد فقدانها القبول لدي كبار القيادات حتى أن مصير الشعب ومستقبل البلاد كان يحدد بقرارات عاطفيه ومشاعر أنسانيه ورغبات جامحة بعيدا تماماً عن المصلحة العامه . ولعل واحد من أخطر تلك القرارات التى صدرت في أوائل الستينات كان نموذجاً صارخا علي تغليب المشاعر الأنسانية على حسابات العقل وذلك عندما أقحمت الإدارة المصرية جيشها في حرب اليمن لعدة سنوات خسرت مصر خلالها الألاف من خيرة شبابها وأبنائها الأبرار تاركين ورائهم الأرامل والثكاله بل أن ما أنفقتة الدولة من ميزانيتها من ملايين الجنيهات يومياً على الأسلحة والذخائر والوقود كانت تكفي لأعادة هيكلة البنية التحتية لمصر من طرق وكباري وصرف صحي وشبكات مياه وأناره وإنشاء المدارس والمستشفيات وتطوير التعليم كل تلك الخسائر التى تحملها هذا الشعب الصبور كانت نتيجة قرارت غلبت عليها المشاعر الأنسانية بعيداً عن المنطق والعقل والفكر الصائب. لقد عانت مصر لسنوات طويله من سيطرة العواطف علي فكر مسؤليها وقياداتها. فوصلت بها الأحوال الي تأخر علمي وإنخفاض مستوى التعليم وتدهور أقتصادي وسوء في العلاقات الدولية ومثال ذلك تدهور العلاقات المصرية مع الدول الإفريقية خلال السنوات الماضية وفقدانها الريادة الإفريقية بعد أن كانت مصر أكبر الدول التي تحتضن مشاكل القارة وقد صاحب ذلك العديد من المشاكل وعلي رأسها مشكلة المياه مع دول حوض النيل وما ترتب عليه من أزمات تهدد مستقبل حصة مصر من مياه نهر النيل كل ذلك دليل علي خطوره القرارات التى يغلب عليها المشاعر الإنسانية بعيداً عن إعمال العقل والمنطق عند اتخاذ القرارات  .أننا ونحن علي أعتاب قيام دولة مصر الحديثة التي تحترم حريات أبنائها وتوفر لهم كل سبل الحياه الحره الكريمة لابد وأن يكون منهج أدارتها هو منهج العقل وليس منهج العاطفة لقد ولى زمن القرارات العاطفية التي تدغدغ مشاعر الناس ولعلى أنتهز فرصة ما نعيشة الأن من أجواء إنتخابات البرلمان المصري لأضرب مثالاُ أخر على واحد من تلك القرارات الا وهو موضوع نسبة الخمسين في المائه عمال وفلاحين التي كانت في يوم من الأيام وبعد قيام ثورة يوليه عام 1952 وسيلة لكسب تعاطف وتأييد فئات معينة من الشعب علي حساب فئات أخرى هذا الأسلوب يجب ألا يكون له مكان في أدارتنا لدولتنا الحديثة لقد ان الأوان لكي نتخلص من موروثات قديمة عفى عليها الزمان ولم تعد تصلح في عصرنا الحديث لقد أخترت هذا المثال كنموذج لتلك القرارات التي أتخذت في الماضى وأستمرت حتي اليوم وبنيت على العواطف وليس علي العقل والمجال لايسع لعرض نماذج أخرى وعديده من تلك القرارات بل والقوانين.أننا نتطلع لمستقبل يكون فيه القرار يعتمد علي الأسلوب العلمى والتحليل الدقيق لكل الأمور . قرار يأخذ في عين الإعتبار المصلحة العامه للشعب والدولة وليس مصالح فئة أو أكثر قرار يؤخذ فيه رأى الأغلبية  من الناس يستفيد بالخبرات والكفاءات ولا يقصيها ولا يستبعدها لمجرد الكره أو عدم الولاء أننا نتوقع من المسؤلين الذين سوف يتحملون أمانة إدارة أمور مصر بكل مؤسساتها و هيئاتها و قطاعاتها في المرحلة القادمة أن يفكروا بعقولهم لا بقلوبهم التي تحب وتكره . فالتفكير العقلانى يقود دائما للتقدم والنهوض والأرتقاء.                                                                   


                                  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


جريدة الستور18/12/2011
ثقافة المنافسة
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق
خلق الله سبحانه وتعالى الأرض وبعث فيها الحياه في صورة نباتات وكائنات دقيقة وحيوانات مختلفة وفوق كل ذلك خلق الإنسان لكي يسعى في الأرض ويعمرها كما جاء في الكتب السماويه وعلى لسان الأنبياء والرسل الذين عاشوا حياتهم يحثون الناس على العمل وجهاد النفس وفعل الخير من خلال حياه تنافسيه يتسابق فيها الناس لفعل الصالح والطيب من الأمور ولا شك أن الأنسان منذ أن يولد وهو يعيش تلك الحياه التنافسيه فالأطفال يتنافسون على حب والديهم والطلاب يتنافسون على النجاح في إمتحاناتهم والشباب يبحثون عن وظيفة كريمة من خلال التنافس والناس تترقى وتصعد في أعمالها ووظائفها بالتنافس بل أن الناس في ساعات المرح واللهو يتنافسون كما يحدث في الرياضات المختلفة والمسابقات بأشكالها وأهدافها. نعم أنها الحياه التي تأخذ شكل المنافسة من بدايتها وحتى نهايتها إلا أن المنافسة ليست عملية عشوائية أو شئ غير مطلق بل هى مثلها مثل كل شئ في الحياه لها قواعد وأصول بل لعلي أقول أكثر من ذلك أن لها أخلاقيات يجب أن تنظمها وتحددها حتى لا تتحول المنافسة من الصوره الشريفه إلي عكس ذلك مما يشوه معناها الحقيقى .
والحقيقة التي جعلتني أتحدث في هذا الموضوع هي تلك المشكلة الحقيقة التي نعاني منها نحن المصريين من خلال نظرتنا الخاطئة لمفهوم المنافسة وهذا سبب أختياري لعنوان هذه المقالة ألا وهو ثقافة المنافسة فالواقع يقول أننا ننظر للتنافس على أنه إقتتال ينتهي بفائز ومهزوم وما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة .
والمتابع على سبيل المثال في مجال الرياضه يجد أننا في مصر نعتبر الفائز في مبارة رياضية مثله مثل العائد المنتصر من الحرب نتغني له بالأناشيد الوطنية ونرفع أعلام النصر له أما المهزوم فنجعله يشعر بالخيبة والعار والإحباط وتجد الجماهير تتراشق بالحجارة وغيرها من المظاهر السلبية بل أننا نجد دائماً في مصر أن من لم يحالفه التوفيق يبدأ في إتهام الحكام بالتحيز وأن يشكو سوء الأحوال الجوية والمواصلات والطعام والمرض ولا يعترف أبداً بعدم التوفيق وعلى الجانب الأخر نجد الفائز يعتبر أنه يمتلك كل مفاتيح النصر وأنه ليس له مثيل وإلي أخره من الأفكار الغريبة كل هذا شئ والحقيقة شئ أخر فمن يفوز اليوم لا يفوز غداً والعكس صحيح وأن من فاز لابد وأن يهنئ بروح عالية المنافس والذي يجب أن يعترف  بأنه لم يوفق وهذا ليس عيباً أو عاراً وأن عليه أن يتدارك أسباب عدم توفيقه لكي يكون الفائز القادم والأمر لا يقتصر على الرياضة بالطبع بل نراه أيضاً وخاصة هذه الأيام في السياسة فالناس ينقسمون إلى تيارات وأحزاب والكل يعتبر أنه هو الوحيد القادر على القياده والنجاح وتحقيق الفوز وعندما تحدث إنتخابات نشاهد ونراقب ما يحدث من نزاعات عنصرية بل وقد تصل لدرجة أنها تصبح صراعات تراق فيها دماء الأبرياء وهذا يحدث حولنا ونشاهده في أرجاء مصر خلال عملية الإنتخابات وقد تصل النتيجة لاقتتال بين العائلات والقبائل حتى وأنها تصل أحيانا داخل العشيره الواحده ،أنني أقول هذا ونحن نستعد لإنتخابات برلمانيه ورئاسيه واستفتاءات ومصر لا تتحمل مثل تلك الثقافة التنافسية التي لا تحدث في بلاد العالم المتحضر ولعلنا نتذكر إنتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة والتي شهدت منافسة شديدة على كرسي الرئاسة بين أوباما وهيلاري كلينتون انتهت بفوز الأول وكيف تصرفا معاً بعد إعلان النتيجة فوقفا يتبادلون التهنئة ويضعان أيديهما معاً أمام مؤيديهم بل أن اوباما أول شئ فعله قام بتعينها وزيرةً للخارجية ولم يحاربها أو يطلق عليها الإشاعات وأيضا هي لم تسيئ له أو لمؤسسته فهكذا تكون روح المنافسة فالأثنين هدفهما مصلحة أمريكا وليس مصلحتهما الشخصية فترفعا وتعاونا معاً من أجل بلدهما .ولكن هذا أمر وسياسية أمريكا كدولة أمر وأخر أتحفظ عليه بشدة.
أننا في مصر نحتاج وبمنتهى الجدية إلي تغير ثقافتنا عن المنافسة والنظر للمصلحة العامة قبل الشخصية علينا أن نقول عن من يفوز أن التوفيق من عند الله والذي لم يفز فإن هذا خيراً كتبه له المولى عز وجل علينا أن ندرك أن أياً منهما لم يكن منتصراً او مهزوماً بل كل منهما أدى دوره وفعل ما عليه ولا أكثر من ذلك وعلينا تقبل عدم التوفيق بروح سمحه وأن ذلك لا يعني نهاية الدنيا بل هي البداية للإستعداد لجولات أخرى سيحقق خلالها الفوز يوماً ما أما الفائز فأنه أجتهد وتحقق له ما أراد لكنها ليست نهاية الدنيا وعليه أن يهنئ الخاسر ويحتضنه ويعمل معه ويدعمه من أجل المصلحة العامة ومن أجل خدمة الوطن فلقد حان الوقت لكي ننفض عن أنفسنا غبار سنين من الممارسة الخاطئه للمنافسة والتمسك بأصول وأخلاقيات المنافسة الشريفة بكل ما  تحمله الكلمة من معنى.
                           ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة لدستور 3/2/2012
دعم الطاقه
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق
يمثل الوقود فى صوره ودرجاته المعروفه من بنزين وسولار العنصر الأساسى فى الحياه الحديثة بالرغم من اكتشاف مصادر أخرى للطاقه كالغاز والكهرباء والوقود الحيوى وما إلي ذلك إلا أن الحاجه للبنزين والسولار لازالت تتزايد والطلب عليها لايتوقف ومصر مثلها مثل دول العالم تستهلك بشكل كبير تلك المنتجات البتروليه الهامه إلا أن الموضوع يختلف بإختلاف إمكانيات الدول وإمتلاكها للبترول , والمعروف أن مصر دوله منتجه للبترول إلا أن الأستهلاك المحلى للبنزين والسولار يفوق الإنتاج مما يجعل عملية أستيرادها ضروره ملحه, ونظراً لأهمية قيام الدوله بدورها نحو محدودى الدخل من المواطنيين فإن الحكومه تقوم بدعم المنتجات البترولية دعماً مباشراً وبأرقام كبيرة للغاية حتى يمكن توفيره للمواطن بسعر يتناسب مع متوسط الدخل العام واذا قارنا سعر صفيحة البنزين أو السولار بأسعارها العالمية فإننا نجد الفارق كبير نتيجة هذا الدعم الذي تدعمه الدوله من الميزانية العامه , ولاشك أن ما يخصص من هذا الدعم كان يكفى لأن يوجه إلى قطاعات كبيره مثل التعليم والصحة وغيرها إلا أن جميع الأفكار والدراسات التى أجريت لإلغاء الدعم على البنزين والسولار أوضحت صعوبة تحقيق ذلك بل وإستحالته نظراً لإنخفاض مستويات الدخول وعدم تناسب تلك الدخول مع الإرتفاع المتوقع فى سعر تلك المحروقات إذا ما تم رفع الدعم من عليها , إلا أنه يوجد على الجانب الأخر ممارسات خاطئة في الأستفاده بالدعم المقدم من جانب الدوله للطاقه فمن غير المقبول أن تحاسب المصانع التى تستهلك تلك المصادر من الطاقه بنفس الأسعار التى يحاسب بها المواطن العادى كما أنه من غير المنطقى أن يحاسب مالك السيارة مثل مالك الدراجة البخاريه حتى لو كان استهلاك الأخير أقل, كذلك فأنه لا يجوز أن يحاسب مالك السيارة الصغيرة التى تسير بمحرك ذو أسطوانات سعتها قليله بنفس الأسعار التى يحاسب بها أصحاب السيارات الفارهة أو ذات الدفع الرباعى التي تزيد سعة أسطواناتها بكثير على أسطوانات الصغيره , بل أنه من الصعب أيضاً أن يحاسب أصحاب السيارات الملاكى أو الأجره كما يحاسب أصحاب السيارات النقل أو الأتوبيسات السياحية والتي تحقق أرباحاً وتحقق أستثمارات ضخمه , أننا نقع فى خطأ جسيم للغايه عندما نساوى بين كل هؤلاء ونحاسب الجميع بنفس السعر , وفى أعتقادى أنه أن الأوان لطرح أفكاراً جديدة للتعامل مع هذه المشكلة يمكن أن تمثل حلاً يساعد الدوله فى توجيه الدعم الفعلى فى الاتجاه الصحيح ووصوله بصوره حقيقيه لمستحقيه ولعلى أطرح اليوم إقتراحاً للمسئولين لدراسة إمكانية تطبيقة من عدمه , بهدف تحقيق المعادلة الصعبة وهى أن يستفيد المواطن الغير قادر بهذا الدعم , فى حين أن القادرين يمكنهم أن يتحملوا الفارق وذلك فى معنى حقيقى وبصورة واقعية لتحقيق العداله الإجتماعية التى قامت من أجلها ثورة الخامس والعشرين من يناير, ويتمثل هذا المقترح فى أن تقوم الدوله بطبع دفاتر يحتوى الدفتر الواحد على مائة كوبون من فئة العشرين لتر لكل كوبون وتوزع هذه الدفاتر على إدارات المرور المختلفة على مستوى الجمهورية , وبناء على دراسة علمية تقوم بها الجهات البحثية يتم على أساسها تحديد إحتياجات المواطن وإستهلاكه للمحروقات , والتى تختلف بإختلاف نوع المركبة وسعة محركها سواء كانت دراجات بخارية أو سيارات أو غيرها , وكما هو معروف فهناك طرق حساب وتقدير علمية معروفه لتحديد تلك الإحتياجات , ويقوم المواطن كل عام بالتوجه لإداره المرور التابع لها وأستلام الدفاتر بالأسعار المدعومه الحالية , بحيث يمكن للإنسان إستخدام تلك الكوبونات فى أي من محطات الوقود على مستوى الجمهوريه , كذلك يستطيع أن يتحكم فى أستهلاك الكمية التى تسلمها بحيث تكفى إحتياجاته اليومية أو الشهرية على مدار العام ويتم توزيع تلك الدفاتر على جميع المواطنين من ملاك المركبات المختلفة , وفى حالة نفاذ كمية الكوبونات نتيجة الأستهلاك العالى بسبب أمتلاك سيارات فارهة أو غيرها , فإن صاحب تلك المركبه عليه شراء الوقود بالأسعار غير المدعومه من محطات الوقود ,وهذا الأسلوب يستخدم الآن بكثرة فى العديد من مناطق الجمهورية في مجال الكهرباء حيث أن هناك أنواع من العدادات الكهربائية يتم تشغيلها بكروت سابقه الشحن وبالتالى تكون التكلفة حسب أستهلاك المواطن , مما يجعل البعض يرشد فى إنفاقه للطاقة الكهربائية عن طريق التحكم فى إستهلاكه لها وهكذا فإن تطبيق الفكره التى طرحتها فى مجال البنزين والسولار قد تساهم إلى حد كبير فى أن يصل دعم الطاقه لمستحقيه وعلى الطبقات القادره أن تتحمل فرق السعر مما يحقق العدالة الإجتماعية المنشوده وما ذكرتة بالنسبة للمركبات الخاصة يمكن إيضاً من خلال الدراسة البحثيه تطبيقة أيضاً على مركبات الأجره والنقل الجماعى وسيارات النقل بما يحقق الترشيد الأمثل والتوجيه الصحيح لدعم الوقود فى مصر والذى يعقبه بالتالى زيادة موارد الميزانيه العامه والتى يمكن توجيهها الى قطاعات اخرى حيوية كالصحة والتعليم .
                                       ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الاهرام 19/11/2011
 
رئيس وزراء مصر القادم
الأستاذ الدكتور/ هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

خلال منتصف القرن الماضي نجح السكان الصينيون بجزيرة هونج كونج الواقعة في أقصي الشرق والمحرومه من المقومات الجغرافية و الطبيعية التي تؤهلها لتأخذ موقعاً تنافسياً عالمياً نجحوا في تحويلها لواحدة من أكبر وأنجح المراكز الإقتصاية في العالم من خلال روئية مستقبلية واضحة أعتمدت علي أن الحاجه أم الإختراع فالجزيرة لا تمتلك مقومات الزراعة أو الصناعات الكبيره ولا المناخ ولا الموقع الذى يسمح بقيام كيان أقتصادي ضخم إلا أن رؤية واضحة جعلتهم يبدأون بالصناعات الصغيره والمتناهية الصغر ويحولون تلك الجزيره لمركزاً عالمياً للتجارة الحره مما وضع هونج كونج علي الخريطة الأقتصادية العالمية محققه بذلك آمالهم في رفع مستوي معيشتهم وتوفير الرعاية الصحية وإيجاد فرص العمل و المسكن الملائم والتعليم الافضل وكل سبل الحياة الكريمة .
وفي منتصف هذه الحقبه الزمنية ظهر أيضا نموذجاً جديداً لهذا الفكر الأقتصادي أخذا شكلاً مختلفاً يتناسب مع طبيعة سكان هذا النموذج الجديد مثلته إمارة دبي والتي هي واحدة من أسرة دولة الأمارات العربية المتحدة التي تقع علي الخليج العربي ويعد هذا النموذج في الإقتصاد الحر مثالاً ناجحاً ومتميزاً فتلك البقعة الصغيره من الصحراء الخليجية تفتقر لكل المقومات التي تساعد علي قيام كيان إقتصادي بمعني الكلمة فعدد السكان قليل ومناخ المنطقة الشديد الحراره يمثل عائقا حقيقياً كما أنها إمارة فقيره في إنتاج النفط ليس لهل رصيد بترولي مثل دول الخليج الأخري ولكنهم امتلكوا الرؤية المستقبلية و التي أعتمدت علي الأستفاده بطبيعية سكان المنطقة الذين يجيدون التجارة من شراء وبيع فهم لا يزرعون ولا يشتغلون بالصناعة فكانت سياسة الدولة بناء إقتصاد يعتمد علي تحويل الإمارة لمركزاً تجارياً عالمياً ومنافساً قوياً لهونج كونج وقد نجحت تلك الرؤية التي حولت  دبي من إمارة محدودة الإمكانيات إلي كياناً أقتصادياً يمثل مختلف أنواع وأشكال التجارة وأصبح مستوي معيشة المواطن من أفضل المستويات عالمياً بكل المقاييس الدولية ورغم تعرض تلك الإماره لأزمات إقتصادية بين الحين والأخر إلا أنها في كل مره تنجح في عبور تلك الأزمات بسبب توافر السياسة والرؤيا الحقيقة الواعده0
وقد أردت من هذه المقدمة المطولة تقديم هذين النموذجين الناجحين لبلاد بدأت من الصفر لكي أصل لحقائق وبديهيات تجعلنا ننظر بتفاؤل لمستقبل مصر خلال الفترة القادمة إذا نحن بدأنا في وضع رؤية واضحة لمستقبل مصر خاصة ونحن نختلف عن تلك البلاد من حيث تمتع مصر بموقعاً جغرفيا ومناخيا لا مثيل له في العالم  فمصر في منتصف الطريق بين الشرق والغرب والشمال والجنوب وتمتلك القوي البشرية بعناصرها المختلفة بدءا من العمالة ووجود العلماء والمهندسين والمفكرين والمبدعين هذا بخلاف الثروات التي تتمثل في مساحات شاسعه من الأراضي غير المستغلة وثروات معدنية كبيرة وغيرها من امكانيات كبيرة متوافرة في مصر بالإضافة لبيئه زراعية وصناعية جيده  فالبداية لن تكون من الصفر بل أن القاعدة والأساسيات موجوده ولكن يتبقي لنا أهم شيئ وهو الأدارة الرشيدة التي تمتلك الرؤيه المستقبلية التي تستطيع أن تعبر بمصر وتحولها لدوله محورية ذات موقع إقتصادي عالمي .
إن إدارة رشيدة تستطيع أن تجعل مصر وطناً ينعم فية المصريون برفاهية العيش والحياه الطبيعية اللائقه من تعليم جيد ورعاية صحية عالية المستوي وفرص عمل كريمة وحرية وديمقراطية يتناسبان مع حضاره شعباً أمتدت لألاف السنين إن ما أقصده من الأدارة الرشيده هي حكومة مصر القادمه ورئيسها أى رئيس وزراء مصر القادم فلقد تعاقب علي مصر رؤساء ووزراء عديدون خلال عقود مضت منهم من كان خبيراً أقتصادياً ومنهم من كان أستاذاً جامعياً ومنهم من كان عسكرياً أو شرطياً ومنهم من كان خبيراً زراعيا وقد حاول كل منهم بقدر امكانياته وخبراتة أن يقدم شيئا لمصر ولشعبها الإ أن أيا منهم لم يتمكن في رأي الشخصي من أن يحققق ما حققته إدارات دول كثيرة غيرنا بدأت معنا مثل كوريا الجنوبية أو بدأت بعدنا مثل ماليزيا وقد يختلف معي البعض في كون شخص واحد يمثله رئيس الوزراء من الممكن أن يؤثر بشكل كبير في وضع مستقبل البلد وأقول في هذا المقام وبكل أمانه نعم يستطيع إنسان تتوافر لدية مجموعة من الصفات والإمكانيات المعينة أن يفعل هذا ومثلنا في ذلك مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الدولة الأسلامية الصغيره والتي كما ذكرت بدأت بعدنا بمراحل فانتقل ذلك الرجل العظيم بها لتصبح واحدة من الكيانات الإقتصادية العالمية0
هذا هو بيت القصيد فمصر تحتاج في المرحله القادمة رئيساً للوزراء يختلف عما تعودنا عليه في السابق فالمعايير التي كانت توضع للإختيار لابد أن تتغير فليس مهما أن يكون أقدم الوزراء أو قريباً لفلان أو صديقاً لعلان وليس من الضروري أن يكون أستاذاً بالجامعة أو قاضياً ولا أن يكون له إتجاه سياسي معين نحو هذا التيار أو ذلك الحزب أوفكر لبيرالي أو ديني هذه كلها معايير لن تصلح إذا كنا نرغب في بناء مصر الحديثة فرئيس وزراء مصر القادم لابد أن تتوافر فية شروطاً جديدة أولها أن يمتلك رؤيه وشجاعة أتخاذ القرار رجلا ليست لدية يداً مرتعشة يتميز بقوة الشخصية لا يعرف التردد ولا يخشي علي الكرسي الذي يجلس عليه ولا يشعر بالتباهي لانه رئيساً للوزراء ينصت لأفكار الأخرين ويستعين بأهل الخبره حتي لو إختلفوا معه يؤمن بأن مصر هي الغاية وأن يعمل من أجلها ومن أجل شعبها وقد يتسائل البعض ماذا أعني بانه يمتلك رؤيا فالمقصود بهذا أنه علي علم بكل صغيره وكبيرة من المشاكل الرئيسة التي تعاني منها البلاد وماذا تحتاج مصر لحل تلك المشكلات وبالتالي يستطيع أن يضع برنامجاً واضحاً قابلاً للتنفيذ يتضمن أفكاراً جديدة واضحه ومختلفة لتطوير التعليم والنهوض به وتطوير المنظومه الصحية و أليات جديدة غير تقليدية للتركيز علي صناعات معينة ذات مميزات تنافسية لمصر فليس من المعقول أن نصنع كل شئ ونزرع كل شئ ونبيع كل شئ فلابد أن تكون هناك رؤية أفكاراً محدده للإتجاه الصناعي والزراعي والأقتصادي وترتيب الأولويات وليس السير والعمل في كل الإتجاهات في وقت واحد حيث أثبتت التجربة فشل مثل هذه الأفكار العتيقة كما أنه ولابد أن تشمل رؤيه رئيس الوزراء  تصوراً مستقبلياً ومرحلياً لإستيعاب العماله المصرية وتوظيفها بصوره صحيحة هذا الرجل القادم لابد أن يضع في رؤيته كيفية الأستفاده من مصادر الطاقة الطبيعية كالشمس والرياح وتحويلها إلي ثروه قومية تفوق البترول0
 كل هذا وغيره هو ماقصدته بالرؤيه المستقبلية والتي يجب أن تكون في صورة استراتيجية معلنة بخطوات وبرنامج زمني محدد يكون في حدود من خمسة عشر الي عشرين عاماً تلتزم به الإدارت المتعاقبة ولا تتغير بتغيير الوزارة، هذه الرؤيه لابد أن يمتلكها من يتولي أمانة رئاسة الحكومه في الفترة القادمة.
 إننا أذا أردنا خيراً لمصر ومستقبل شعبها الذي يستحق فعلا هذا الخير علينا أن نبحث عن هؤلاء  الذين يتمتعون بتلك الصفات التي تؤهلهم أن يقودوا حكومه مصرية قادمه تخطو بمصر لأفاق الدول التي تنعم شعوبها بالحريات والرفاهية والحياه الكريمة ومن هؤلاء وهم موجودون في كل المواقع لابد أن نختار منهم الشخصية التي يمكنها أن تتحمل مثل هذه المسئولية بأمانه وإخلاص أمام الله عز وجل وأمام هذا الشعب العظيم.


ـــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الدستور15/9/2011

لا صوت يعلو فوق صوت التعليم
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

خلال شهر يونيو عام 1967 تعرض الشعب المصرى لإمتحان عظيم وذلك عندما قامت القوات الإسرائيلية بمهاجمة سيناء والإشتباك مع الجيش المصرى فى معركة غير متكافئة معتمدة فى تلك الأوقات على الدعم العسكرى الأمريكى والأوروبى وإنتهى العدوان الإسرائيلى بإحتلال سيناء وفى نفس العام قرر المصريون أن يثبتوا لإنفسهم قبل أن يثبتوا للعالم أنهم شعب لا ينكسر ولا يقبل الهوان فبدأت مصر دوله ومواطنون الإستعداد لحرب التحرير وإعادة بناء جيش قوى يقهر المعتدى ويعيد الإراضى المحتلة وفى ذلك الحين أتخذت مصر شعاراً لها عنوانه "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" وبدء التحرك السريع من خلال جمع الهمم وشحذ المعنويات وإستنفار القوى بل وأصبح كل نشاط داخل الدولة موجه لتحقيق ذلك الهدف وانشأت الدوله ما يعرف بتمويل المجهود الحربى وذلك لتوجيه كل الدعم المادى لهذا المجهود وشاركت كل فئات الشعب فى ذلك العمل حتى أن كوكب الشرق أم كلثوم جابت العالم لتحيى حفلاتها الغنائية وتخصص دخلها للمجهود الحربى حتى المصريون نفسهم بدأوا فى الاستغناء عن كل وسائل الترفيه فتوقف الدورى الكروى وإستغنت الحكومة عن كثير من إنشطتها العادية لتحويل ميزانيات تلك الإنشطة لدعم المجهود الحربى وباتت الأولوية الأولى والقصوى هى بناء الجيش الذى سيخوض معركة مصر المصيرية فكان شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة هو المحرك لكل أنشطة الحكومة وكل المصريين . وقد كان....وبعد ستة سنوات فقط من تلك النكسة تمكنت مصر من إبهار العالم وإنتفض جيشها شامخاً ليعبر قناة السويس ويحقق المستحيل كما قال الخبراء العسكريون فى كل أنحاء العالم وأثبت المصريون أنهم عندما ينوون تحقيق المعجزات بأيديهم فانهم قادرون على هذا ولعل اليوم أشبه بالبارحه فما فعلناه بالأمس قادرين بإذن الله على فعله اليوم ولكننا اليوم أمام معركة من نوع أخر معركة أكثر خطورة لمواجهة عدو أكثر شراسة معركة بناء الإنسان المصرى المسلح بعلمه وثقافته الإنسان القادر على النهوض بمجتمعه إنسان يضع الحلول العلمية للمشاكل وهموم الوطن أنها معركة العلم والمعرفة .
فالواقع يقول أن ضعف التمويل لمنظومة التعليم خلال الخمسين عام الماضية أدى وبلا أدنى شك لمعظم المشاكل التى نعانى منها الأن سواء كانت مشاكل صحية أو أجتماعية أو صناعية أو زراعية أو بيئية أو حتى سياسية نتيجة ضعف الانفاق على التعليم ولعلى عندما أسهبت فى كلامى عن الماضى قصدت أن يكون هذا الماضى نبراساً لنا ونحن نتطلع للتصدى الحقيقى لقضية التعليم من خلال وضع أفكارا ورؤى جرئية لحل أحد مشاكل التعليم الاساسى فى مصر وهى مشكلة التمويل والتى تحتل ركناً اساسياً فى التطوير الشامل التى يحلم بها كل المصريين أننا فى حاجة أكيدة لأن نبدأ مشروعا قوميا مثل ذلك الذى فعلناه أيام حرب 1967 من خلال تبنى سياسة جديدة تحمل المعنى نفسه وهو لا صوت يعلو فوق صوت التعليم إننا نحتاج من الدولة أن تعيد النظر فى أوجه صرف الميزانية وإعادة توزيع الأولويات فى الإنفاق الحكومى على الوزارات المختلفة أننا فى حاجة للقرار الجرئ فى إستقطاع أجزاء من ميزانيات بعض الوزارات وإضافتها لميزانية التعليم سواء جامعى أو قبل الجامعى ،إننا فى حاجة لأفكار حكومية جديدة لجذب استثمارات وأموال المصريين التى يوجهونها للأفراد والشركات التى تقوم بتوظيف الأموال ثم تطير تلك الأرصدة فى الهواء، أن المصريين الذين يدفعون يومياً ملايين الجنيهات فى شراء الأبنية والفيلات والأراضى فى العراء ويتركونها للمستقبل على إعتبار أن ذلك نوع من الأستثمار يحتاجون لمن يوجههم لإستثمار أموالهم بصورة حقيقية غير تقليدية يمكن أن تساهم فى تمويل تطور التعليم أن المصرى بطبيعته يعمل دائما بجد وصبر ويعشق أن يكون موظفاً يقبض راتبه كل شهر ويبحث دائما على أيدى أمينه يسلم لها أمواله لكى يستثمرها له دون أن يأخذ مخاطرة أن يقوم بذلك بنفسه فى تجارة أو غيرها هذه الحقيقة لابد أن تدركها الدولة وتستفيد من توظيف أموال المصريين العاملين بالخارج وكذلك الموجودين بالداخل ولعل قضايا توظيف الأموال وما شابها من تجاوزات دليل على كلامى هذا ،إننى اتصور لو أن جزءا من أموال المصريين التى راحت هنا وهناك داخل وخارج مصر كانت كافية تماماً لاستثمارها بطرق جديدة تخدم قضية تمويل التعليم فى مصر وهكذا فياسادة نستطيع أن نطرح أفكاراً وأفكار جديدة تجعله يساهم فى التغلب على تلك المشاكل وأنا واثق أن مصر غنية بأصحاب الثروات والفكر القادرين على طرح أفكار أخرى وطرق ووسائل مختلفة لجذب وتفعيل تلك الإستثمارات فى ذلك المجال كما أننى على ثقة تامة بأن المجلس العسكرى قادر بإذن الله قادر على إتخاذ قرارات من أجل التقدم بخطى ثابته نحو تحقيق هذا الهدف فى ظل حقيقة وواقع يقول بالفعل انه لا صوت يعلو فوق صوت التعليم.   


ــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة الدستور 25/1/2012
نعم للحريه لا للفوضى
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

اليوم ونحن نحتفل بمرور عام على ثورة الخامس والعشرين من يناير نتذكر جميعاً أنه كان هناك شعاراً موحداً لدى جميع المصريين سواء من شاركوا فى الميدان والتجمعات التي ملأت شوارع مصر وميادينها أو حتى أولئك الذين أيدوا وباركوا الثورة ومنعتهم الظروف من التواجد مع الثوار فى تلك الميادين ، كان شعار عيش حريه عداله اجتماعيه ،والكلمات الثلاث لها معانى هادفه ومحدده فالعيش هو البحث عن الرزق من خلال القضاء على البطاله وإيجاد فرص عمل كريمه للشباب والقضاء على المحسوبيه والوساطه فى التعيين وتوفير الوظائف وقصر أماكن عمل تعيين على الأبناء والأحباب وفتح مجالات جديدة للعمل من خلال آليات حديثه واستثمارات حقيقية، وتوفير الوظائف التى تتناسب مع مؤهلات الشباب وخبراتهم التعليميه ،أما العداله الأجتماعية فتعنى أن ينال كل مصرى حقه ويؤدي ما عليه في ظل سيادة القانون لا فرق بين مواطن وأخر فلا يعقل أن تكون الملايين للقله والفتتات للأكثرية الكادحه ويصبح التفاوت فى الأجور بأشكاله الصارخه مظهراً لفساد الزمم وسوء الإدارة الحكومية فمن غير المقبول أن نجد موظفاً عاماً فى أحدى المؤسسات التابعه للدوله يتقاضى مئات الألوف من الجنيهات بينما باقى العاملين بنفس المؤسسة ممن يتحملون العبء الأكبر فى العمل يتقاضون أقل من القليل ولا يعقل أن نجد كبار السن من أرباب المعاشات الذين أفنوا عمرهم فى خدمة البلد يتقاضون ما لا يكفى لطعام او علاج وهم أكثر الفئات حاجة للعلاج والدواء  .
أما الحريه هى الحياه بكرامه في وطن يحترم آدمية أبناءه فكل إنسان لابد أن يدرك أن عليه التزامات تجاه وطنه وشعبه وزملائه وجيرانه وأهله وأبناءه , وعليه واجبات وله حقوق , فيؤدى هذه الواجبات بتفانى وإخلاص وجديه ويحافظ في نفس الوقت على حقوقه ولا يفرط فيها , والحريه تعني أن أحترم رأي الأخر وأن أحافظ على ممتلكات الدوله وأعتبر أن أمان الناس والحفاظ على أرواحهم أمانه فى عنقى ومسئوليه اتحملها وأن الحريه لا تعنى مطلقاً أن أعتدي على حريات الأخرين أو تعطيل مصالحهم وأعمالهم من أجل تحقيق مطالب أو مكاسب أو أغراض شخصيه ،وهذا للأسف الشديد ما يحدث الآن وبشكل غير مسبوق فلقد بدأ الكثيرون يعتقدون أن تحقيق المطالب لا يأتى إلا بإنتهاك حرمة الطرق أو المصالح مهما كلف هذا الأخرين من ثمن فنجد البعض يقطعون طرق وشرايين رئيسية في البلد لمجرد أن نتائج الإنتخابات البرلمانية لم تأتى على هواهم وأخرين يقطعون خطوط السكه الحديدية بسبب حادثة غير مقصوده أو لمطالب فئوية من أجل زيادة حوافز مالية أو مكافئات , ومجموعه أخرى تفعل نفس الشىء إعتراضاً على مسئول أو موظف عام أو رغبة في تعين شخص ما , وكل هذه الأعمال تأتى بخسارة جسيمه على مصالح أخرين ليس لهم ذنب ما بين مسافر لقضاء عمل أو أخر ذاهب للعلاج أو ثالث يسعى لعمل الخير أو طالب ذاهب لأداء أمتحان وغير ذلك من مصالح ناس ليس لهم علاقه بتلك الأحداث أو تلك المطالب الشخصية فهل هذا هو مفهوم الحريه , هل وقف مصالح العباد وقطع أرزاقهم تعني حريه , إن ما يحدث لا يمكن تعريفه إلا بأنه نوع من الفوضي , ولابد أن يدرك الجميع أن الحريه لا تعنى أن يفعل الأنسان ما يحلو له بأى أسلوب وفي أي وقت ومكان ضارباً بالقانون وبحقوق الناس عرض الحائط , لابد أن يعلم الجميع أن تلك الأفعال يتحمل نتائجها في النهايه الوطن بالكامل ولن ينجو أحد من الخساره فإنهيار مؤسسات الدوله له تداعيات سوف تطال الجميع بلا أستثناء , أننا ومن الآن يجب وأن نقف جميعاً وقفه واحده للتصدى لكل هذه الظواهر السلبية وبطريقه جاده وأسلوب حازم لكل من تسول له نفسه العبث بمقدرات هذا الشعب العظيم , ولعلى أنتهز الفرصة الآن وبعد أنتهاء أنتخابات مجلس الشعب وأتوجه الى السادة النواب الذين كتب الله لهم التوفيق وفازوا بالعضوية البرلمانية بعد أن ذهبنا جميعاً لصناديق الأنتخابات وتحملنا الصعاب ووقفنا في طوابير أمتدت لعدة كيلو مترات فى أجواء البرد والأمطار وتحملنا كل هذه الأعباء لكى نختار بإرادتنا الحره هؤلاء النواب ليمثلونا في البرلمان ويحافظوا على حقوقنا وحقوق الوطن والآن جاء دورهم لينقذوا البلاد من هذه الفوضى المدمره,عليهم أن يشرعوا القوانين التي تمنع بحزم تلك الممارسات الخاطئه وتعاقب المتسبب والجانى معاً , أننا نتطلع لهذا المجلس القادم ليحمى الوطن من كل عابث ومخرب بأمن البلاد وأستقرارها , نعم لابد للجميع نوابا وحكوما إتخاذ الإجراءت القانونيه لمنع تلك الفوضى وتحقيق ما نادى به الشعب عندما ثار مطالباً بالحريه التى عاش وصبر من أجل الحصول عليها.


               ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

جريدة الدستور 22/2/2012



الأستشفاء البيئي والسياحه العلاجية

أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

 

فى أواخر الثمانينات رصد المسؤلون بمنطقة البحر الأحمر ظاهرة ملفتة للنظر ، حيث لاحظوا أن العديد من الأجانب القادمين للسياحة فى خليج سفاجا لممارسة هوايات الغطس ويعانون من مرض الصدفية الجلدية اختفى المرض من أجسامهم بعد قضائهم فترات تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بالمنطقة مما لفت نظر المسؤلين عن البحث العلمى أنذاك فصدر قرار فى أوائل التسعينات بتشكيل فريق طبي متخصص من أساتذة المركز القومى للبحوث لكشف أسرار هذه الظاهرة الفريدة. حيث تم وضع خطة علمية دقيقة لدراسة الموضوع اشتملت على مرحلتين: المرحلة الأولى  والتى بدأت سنة 1992 وتضمنت دراسة ميدانية طبية لمنطقة سفاجا والقرى المحيطة بها واستمرت لمدة عام وانتهت الدراسة الى أنه من بين تعداد سكان المنطقة والبالغ عددهم حوالى 45 ألف نسمة لم تسجل حالة صدفية واحدة مما يعتبر ظاهرة غير عادية حيث أن نسبة الاصابة بالمرض فى المناطق المختلفة بمصر تتراوح بين ½ الي 1% من تعداد السكان، وكانت هذه النتائج دافعاً قوياً للفريق الطبى للبدء فى المرحلة الثانية من المشروع والتى بدأت عام 1993 واستمرت لمدة عامين وتضمنت هذه المرحلة اختيار أعداد كبيرة من مرضى الصدفية ، وتم تقسيم هؤلاء المرضى على هيئة أفواج قضى كل فوج حوالى 3-4  أسابيع بمنطقة سفاجا وتم اخضاعهم للعلاج بنظام الاستشفاء البيئى (أى استخدام عوامل بيئية معينة مميزة للمنطقة لعلاج المرض دون استخدام أي أدوية أو كيماويات على الإطلاق) ، لذلك كان العلاج يتضمن استحمام المريض فى مياه خليج سفاجا عالية الملوحة ثم التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية فى الصباح الباكر وقبل الغروب بصفه يوميه ، وفى نهاية فترة العلاج تم اجراء تقييم إكلينيكي للحالات المرضية للوقوف على درجة التحسن والشفاء من المرض . وبعد الانتهاء من هذه الدراسة و فى يونيو 1995 عقد بسفاجا مؤتمراً عالمياً وحضره وزارء الصحة والبحث العلمى ولفيف من العلماء المصريين والاجانب وخلال هذا المؤتمر اعلنت النتائج العلمية النهائية للمشروع والتى اثبتت امكانية استخدام هذا العلاج بصورة آمنة وفعالة فقد أظهرت النتائج أن 90% من المرضى تم شفائهم من أعراض المرض تماماً بعد 4 أسابيع و10% حدث لهم تحسن ملحوظ وعند مقارنة هذه النتائج بتلك التى تأتى مع استخدام الأدوية ، وجد أنها أكثر فاعليه مع عدم وجود أى أثار جانبية بالمقارنة  بتلك التى تسببها الأدوية وفى سنة 1998 عقدت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع هيئة اليونسكو مؤتمراً عالمياً بمدينة فينسيا بإيطاليا وبناءً على دعوة إدارة المؤتمر تم تقديم عرضاً متكاملاً لتلك الأبحاث ونتائجها ، وكان من نتيجة ذلك أن صدر كتاباً من المنظمة يضع منطقة سفاجا على الخريطة العلاجية العالمية للصدفية. وفى ألمانيا تأسست جميعة أطلق عليها الجمعية الألمانية المصرية لعلاج الصدفية بسفاجا ويشرف على هذه الجمعية مجموعة من أطباء الجلد الألمان والذين يقومون بانتقاء حالات الصدفيه الشديدة وارسالها إلى مصر للعلاج بسفاجا بنظام الإستشفاء البيئى بصورة منتظمة تحت رعاية الأطباء والممرضين المصريين . كما أن كبرى مراكز علاج الصدفية بإيطاليا وروسيا والدول الأوروبية باتت ترسل أيضاً مرضاها للعلاج بسفاجا. ومنذ ذلك الوقت بدأت مدينة سفاجا فى إستقبال مئات المرضى من داخل مصر وخارجها ويأتى كل عام إلى المنطقة حوالى 2000 مريض فى المتوسط ، وقد حدث تطوراً كبيراً فى مدينة سفاجا فى السنوات الأخيرة حيث تم تزويد المدينة بكل الخدمات وتحديث مرافقها المختلفة بما يتناسب مع حركة السياحة العلاجية المتزايدة عام بعد عام وأصبح هناك مراكز للأستشفاء تستقبل هؤلاء المرضى ، كما أنه من المتوقع أن تتزايد اعداد تلك المراكز فى الاعوام القادمة لمواكبة هذه الحركة الوافدة ، حيث يبلغ عدد مرضى الصدفية فى أوروبا وحدها حوالى 27 مليون مريض منهم 4 مليون فقط فى ألمانيا أما على مستوى العالم العربى فيوجد حوالى 55 ألف مريض فى السعودية وحوالى 16 ألف مريض بالكويت وتزداد الأعداد بشكل أكبر كثير فى سوريا ولبنان. وفى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا يصل العدد إلى حوالى 6 مليون مريض. ولاشك أن المرحلة القادمة تحتاج من الدولة أن تولى هذا المنتج السياحى أهتماماً كبيراً , بإعتبار أن الدخل السنوى من السياحه العلاجية يفوق بكثير العائد من السياحة التقليدية بأشكالها المختلفة , نظراً لطول فترة بقاء السائح للعلاج بالمقارنة بالسائح العادى بما يمثل عدد أكبر من الليالى وما يصاحب ذلك من دخل أكبر للدولة , وهكذا فإن الأهتمام بالسياحه العلاجية بات ضروره ملحة فى الفتره القادمه , ولابد لوزارة السياحه أن تضع خطه طموحه للدعاية الجيده لهذا المنتج على مستوى العالم من خلال البرامج التى تعدها الوزاره سواء عن طريق المكاتب السياحية بالخارج أو من خلال المعارض المختلفة.

  ــــــــــــــــــــــــ 

جريدة الدستور14/12/2011


فلنعمل من أجل مصر
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق



خلق الله الإنسان ليسعى فى الأرض ويعمرها بالجهد والعمل  لذلك قال سبحانه وتعالى في سورة التوبه بكتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم "وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " صدق الله العظيم وهكذا فالعمل فرض علينا وواجب تجاه المجتمع الذي نعيش فيه فمن غير العمل لن نبني مستقبلا ً ولن نحقق أمال غد مشرق .
 والحقيقة والمتابع لأحوالنا وسلوكنا في الحياه تجاه قضية العمل ومدى إحترامنا لقيمته ونظرتنا للهدف منه واسلوبنا في ممارسته يجد أن الأمر يحتاج ولا شك وقفة لتقيم هذا النمط و السعي الحثيث لتغيره تغيراً شاملاً فنحن ننظر للعمل على أنه الوسيلة التي تساعدنا للحصول على المال اللازم لتوفير إحتياجتنا الحياتية من مأكل ومشرب ومسكن وغيرها من متطلبات العيش إلا أن نجاح الإنسان في تحقيق هذا الهدف يستوجب عليه أن يؤمن بقيمة و أهمية العمل الذي يمارسه ويجتهد ويبذل أقصى ما يملك من طاقته لإنجاحه و رفع شأنه  حتى يؤتى بالثمار التى يتطلع إليها الا أن الواقع الذي نعيشه قد يخالف ذلك الي حد كبير فنظرة سريعه للطريقة التي يتبعها الكثير منا في عمله تشير الي أن البعض يأتي متأخراً لعمله ويغادر مبكراً ثم نجد أخر يعمل في موقعين وأحياناً ثلاثة مواقع في وقت واحد وهناك من يذهب إلي مكان عمله منذ بدايتة وحتى نهايته إلا أنه في حقيقة الأمر يقضي وقتة في قراءة الجرائد أو يتصفح الإنترنت وهناك من يقوم بأعمال خاصة وليست مرتبطه بالعمل بل أن هناك من ينام على مكتبه ناهينا عن هؤلاء الذين يتعاملون في  أعمالهم من خلال نوافذ أو مكاتب مختلفة والطريقة الغير ملائمه التي يتعاملون بها مع المواطنين المتردين عليهم ولا شك أننى لا أستطيع أن أعتبر أن الجميع يفعل ذلك  بل أقول أن قطاعاً ليس بقليل يمارسون العمل على هذا النحو خاصة من يعملون في القطاع الحكومي إلا أن الموضوع قد يختلف الي حد ما في القطاع الخاص فهناك الإلتزام بمواعيد العمل والجدية الكبيره في أداء المهام الوظيفه وبذل الجهد وهذه قضية تجعلنا نضع علامة إستفهام لماذا يكون نفس الإنسان ملتزماً في مكان عمل ما وغير ملتزماً في مكان أخر وهذا هو لب القضية والإجابة تكمن أنه في حالة العمل الخاص فالعامل معرض للفصل من عمله إذا لم يكن حريصاً على العمل و مؤدياً لواجب وظيفته كما يرام  في حين أن الموضوع مختلف تماماً في الجانب الحكومي فسواء أدى الموظف عمله كاملاً أو ناقصاً ففي النهاية المرتب يكاد يكون واحداً وهنا لابد أن نعيد نظرتنا للعمل فعمل كل واحد منا سواء كان حكومي أو غير حكومي هو من أجل مصر وليس الهدف قاصراً على الدخل أو المرتب أننا يجب أن نؤمن بقومية ووطنية العمل الذي نقوم به للمصلحة العامه والأهم مصلحة بلدنا التي نعيش فيها ونعمل بها أننا يجب أن  نغير نظرتنا لقيمة العمل فالقيمة الحقيقة ليست فقط في جمع لمال ولكنها في العائد الذي سوف يعود على الجميع من دخل قومي وتحسين مستوى المعيشة وإيجاد فرص عمل للشباب أننا لا نعمل من أجل فرد أو أسره بل من أجل شعب بكامله فكل واحد منا إذا أحسن عملة وأتقنه كلُُُُُ في موقعه فإن البناء سيعلو ويرتفع ،إن بناء الدوله لايقع على عاتق رئيس أو حكومه بل يتحمله كل إنسان يعمل فى هذا البلد أننا يجب أن ننظر لقيمة العمل وليس لمقابل العمل علينا أن نحترم العمل ونقدره .
إنه مستقبل أمه بأسرها دعونا نعيد النظر جميعا ولنبدأ من جديد ودائما ما أقول ليس عيباً أن أخطئ ولكن العيب أن أستمر في الخطأ ولنرفع شعاراً جديداً هيا بنا نعمل 

                                            ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجهل أخطر من الفقر

الأستاذ الدكتور /هانى الناظر

رئيس المركز القومى للبحوث السابق


المتابع لتاريخ وحاضر الأمم يجد أن الشعوب التى أقامت حضارتها على العلم تمكنت من أن تحقق 
لنفسها إنجازات عديده ساعدتها على الإرتقاء بمستوى معيشتها وتحقيق مقومات التقدم الصناعى والسياسى والثقافى والإجتماعى مما دفع تلك الأمم لكى تتبوء موقع الصداره وتمثل دولها كيانات عالميه قويه ومؤثره فى الخريطه السياسيه والإقتصاديه والحياه العامه لشعوب الأرض ويشهد التاريخ على مر الزمان نماذج لهذه الأمم كما حدث فى العصر الفرعونى القديم ،وفى عهد الإمبراطوريه الرومانيه وآبان الدوله الإسلاميه التى أمتدت من الشرق للغرب أوائل القرن الهجرى الأول وفى عصرنا الحديث تمثل اليابان والولايات المتحده الأمريكيه نموذجان للدول المتقدمه التى قامت على النهضه العلميه والتكنولوجيه ولاشك أن تلك النماذج من الدول المتقدمه أسست نهضتها على وضع تصور للقضاء على المعوقات الأساسيه التى من الممكن أن تقف كحائل دون تحقيق تلك النهضه وأهم هذه المعوقات هما الجهل والفقرولا شك أن العمل على إحداث تقدم حقيقى لا يمكن أن يتم بدون إيجاد حلول جذريه لهما.
إلا أن التعامل مع الجهل والفقر قد يختلف من دوله لأخرى فقد تلعب الإمكانيات والأولويات دوراً هاماً فى تحديد أى من القضيتين يجب البدء بها وهذا يتطلب ان ندرس أيهما أكثر خطرأ على المجتمع وأيهما يمثل حجر الزاويه فى تحقيق النهضه الشامله للدوله ،والتحليل العلمى والمنطقى للأمور يبين أن الجهل هو الأكثر خطوره ،بل هو الآفه التى من الممكن أن تقضى على دولاً وأمماً بالكامل فإن الإسلام عندما ظهر جاء لإصلاح أوضاع سيئه ومعتقدات متخلفه وعادات مشينه وسلوك سيئ أدى إلى حياه فاسده مملوءه بالشعوذه والتخاريف والفسوق والمجون ولهذا كان وصف المولى عز وجل لهذه الفتره التى سبقت ظهور الإسلام بأنها عصر الجاهليه ،وفى منتصف القرن الماضى وقبل قيام عصر النهضه الأوروبيه مرت دول تلك القاره بفترة التراجع الفكرى والتخلف الحضارى وانتشر الفساد والأمراض فتم وصفها تاريخياً بفترة الجاهليه الأوروبيه وهكذا أرتبطت كلمة الجهل بكل مظاهر التأخر والتراجع الحضارى وعلى الجانب الأخر فإن الفقر وهو مشكله كبرى وحقيقيه إلا أنه لم يكن عائق أمام تقدم الأمم ونهوضها ،ولعل نموذج دولة الهند لخير مثال على ذلك فالهند وطن كان من أشهر الأوطان فقراً على مستوى العالم ولكن الدوله قادت حركة نهضه تنمويه كبرى أعتمدت على محاربة الجهل والإهتمام بالتعليم أولاً ،فكان أن تحولت الهند الآن لواحده من أكبر الكيانات العلميه والإقتصاديه العالميه والتى تمثل واحده من أهم الدول الصناعيه المتقدمه ،وقد أدى هذا التقدم الى بداية التخلص التدريجى من الفقر والمرض وفى نفس الوقت ساعد هذا أيضاً الهند لكى تصبح واحده من أفضل النماذج فى الحياه الديمقراطيه.
 كل هذه الأمثله والنماذج التى نتطرق اليها تتطلب منا أن نقرأها ونتمعن فى معانيها الهامه التى تمثل لنا نبراساً ينير لنا الطريق خلال هذه المرحله الخطيره من تاريخ مصر المعاصر فنحن إذا أردنا بناء دوله عصريه حديثه يتمتع شعبها بالحريه وينعم بالديمقراطيه ،ويعيش حياه كريمه عزيزه فإننا  لابد وأن نضع قضية القضاء على الجهل كأولويه قصوى فى برامجنا فى المرحله القادمه، إننا إذا كنا نعانى من نسبة أميه وصلت 40% من تعداد السكان، ومستوى تعليمى منخفض فلابد أن نتصدى بقوه وحسم وجرأه لهذه القضيه ،ولو استمرت الأحوال بهذا الشكل فإننا لن نستطيع تحقيق الحريه والديمقراطيه الحقيقيه لهذا الشعب، فمن المستحيل ان يجتمع الجهل والديمقراطيه معاً ولابد للدوله المصريه فى المرحله القادمه أن تضع برنامجاً زمنياً ومحدداً لا يتعدى العشر سنوات يتم خلاله وضع الخطط الواقعيه وآليات تنفيذها للسيطره على الأميه والتعامل مع الجهل بصوره المختلفه من جهل ثقافى وسياسى وإجتماعى وصحى ودينى .
إن الواقع يقول أن إنساناً فقيراً متعلماً يستطيع أن يفكر ويبدع بل أنه قادر على مساعدة الأخرين بعلمه، وكم من علماء عظام ومفكرين كبار كانوا فقراء ولكنهم قادوا حركات تنوير وحققوا لأوطانهم ما لم يمكن تحقيقه بدون الرؤيه الصحيحه والعلم المستنير، أما ذلك الانسان الجاهل مهما ملك من مال فلن ينفع ماله فى شيئ ،فالجهل يقود للتخلف ويؤدى للمرض والضعف والجاهل لا يدرك قيمة العلم والحياه ولا يعرف معنى الحريه والكبرياء ولا يفرق بين الخطأ والصواب.

                        ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدستور 16/11/2011

لمن نعطى صوتنا الإنتخابى
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

يستعد الشعب المصرى بكل طوائفه من شمال البلاد لجنوبها ومن شرقها لغربها لأول إنتخابات برلمانيه بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ،ولا شك أن هذه الإنتخابات تمثل أهم وأخطر إنتخابات فى تاريخ مصر المعاصر ،فهى تشمل المجلسين التشريعيين الشعب والشورى على التوالى وهما المجلسين الذين تقع على عاتقهما مسئولية اختيار اللجنة التأسيسية للدستور الجديد والذى يحدد مستقبل مصر للأعوام القادمة ويحمل معه تحقيق آمال الملايين من هذا الشعب العظيم فى حياه ديمقراطيه حره وكريمه فى ظل سيادة القانون وإحترام إرادة الشعب والحفاظ على كرامته ورفع شأنه، وأكثر من ذلك فإنه وفى ظل هذين المجلسين ستتم أهم انتخابات رئاسية لإختيار رئيس مصر القادم،والذى يعول المصريون عليه الكثير وخاصة إدارة سفينة البلاد نحو شاطئ الأمان والمستقبل المشرق .
 من أجل كل هذا كان علينا جميعاً كمواطنين وناخبيين أن نستعد للمشاركه فى هذه الإنتخابات لكى تكون أصواتنا الإنتخابية هى التى تحدد هذا المستقبل المفعوم بالأمل والذى يتطلع إليه كل واحد منا، رجلاً أو امرأة مسلماً أو قبطياً ،شاباً أو كهلاً وهذا هو بيت القصيد والسؤال الملح الذى نطرحه جميعاً هذه الأيام ألا وهو لمن نعطى هذا الصوت الغالى...أن هذا الصوت لا يجب أن يذهب إلا لمن يستحق ،فقد عانينا عدة عقود من هؤلاء المرشحين الذين يشترون الأصوات والزمم ،والذين يبيعون الأوهام فى صورة دعايا إنتخابيه لاتدل على ما يخفون من نوايا اننا لا نريد المرشح الذى يدور على مكاتب الوزراء والمسئولين لشق ترعه او فتح طريق أو توصيل الكهرباء لمنزل فلان أو علان ،لانريد نائب قمار أو نائب خمور، أما هؤلاء الذين ينامون فى المجلس ويستيقظون عندما يطلب منهم رفع يديهم بنعم أو لا فلم يعد لهم مكان فى مجلسنا القادم ، لا هؤلاء ولا أولئك أصبحوا يستحقون أصواتنا الغاليه ، المرحله القادمه تحتاج للنائب الشجاع الذى يناقش كل ما يطرح عليه من قوانين فيوافق على ما ينفع البلد والناس ،ويرفض ما لا يصلح لمصر ،اننا سوف نعطى صوتنا للنائب الذى سيشارك فى سن القوانين والتشريعات ويضع الحلول لمشاكل مصر ويشارك فى النهوض بالتعليم والبحث العلمى ، نائب يسعى جاهداً لطرح قوانين جديدة تضمن الرعاية الصحية الكاملة لكل مواطن على أرض مصر ،نائب يعرف أن الزراعة فى مصر تعانى وتحتاج لصحوه كبرى تدفع بها للأمام ،أن صوتنا الإنتخابى لابد وأن نعطيه للناخب الذى يخاف من الله ولا يخشى الناس وليس النائب الذى يخشى الناس ولا يخاف الله، ونفس هذا الكلام ينطبق على أصواتنا التى سنعطيها للقوائم الحزبيه ، فصوتنا سيذهب للحزب الذى يمتلك برامجاً حقيقية تمثل خارطه طريق لمستقبل أفضل، برامج حزبيه علميه وجريئه تضع حلولاً لمشاكل مصر المزمنه على قائمه الاولويات أحزاباً لا تبيع الوهم ولا تدغدغ مشاعر الناس وعواطفهم وإنما تخاطب عقولهم ولا تخاطب قلوبهم، أحزاباً لا تبحث عن مصالح أو أغراض شخصية أوتطمع فى الوصول للحكم بغض النظر عن مصالح البلاد ، أن هذا الشعب العظيم له القدره والبصيره على التفريق بين الغث والسمين . لكل هذا ومن أجل مستقبل أفضل لمصرنا الحبيبه وشعبها سوف نعطى صوتنا للناخب وللحزب الذى يستطيع أن يعمل من أجل تحقيق حلم هؤلاء الملايين الذين نزلوا شوارع مصر فى 25 يناير وضحوا بالنفيس والغالى من أجل أن يحولوا ذلك الحلم لحقيقة وواقع.

 

                  ـــــــــــــــــــــــــ
جريدة الدستور 30/12/2011
                               مستقبل الدولة المصرية


                                  أ.د هانى الناظر


أمتدت الحضارة المصرية لآلاف السنين بدأت مع حكم الأسر الفرعونيه والتى تولى ملوكها حكم مصر لقرون عديده نصبوا خلالها أنفسهم ألهه يعبدهم ويقدسهم المصريون القدامى فالمصري منذ مطلع التاريخ متدين بطبيعة شخصيته يؤمن بالغيب وبيوم البعث ويعمل له ألف حساب والمتابع للحضاره المصريه الفرعونيه يجد أن معظم ما تركه المصريون للعالم من أثار ما هى إلا معابد ومقابر فالأولى هى المحراب الذى يؤدون فيه طقوسهم الدينية والثانية هى المكان الذى يدفنون به إنتظاراً واستعداداً ليوم البعث ومع ظهور نبي الله موسى عليه السلام مبشراً برسالته السماوية بدأ المصريون يعرفون الدين الحقيقى ويدركون أن هناك اله واحد هو رب العالمين فآمن من آمن وأشرك من أشرك حتى جاء ميلاد النبى عيسى عليه السلام حاملاً معه تعاليم الرب العظيم مناديا بنشر السلام والحب بين البشر فأمن برسالته المصريون وعندما بشر سيد الخلق وأشرف المرسلين رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام العالم بالإسلام ومع بداية الفتوحات الإسلامية جاء إلى مصر عمرو بن العاص مبشراً بديانة الإسلام الحنيف وبمبادئه وتعاليمه السمحه التى لا تفرق بين عربى وأعجمى ولا أسود ولا أبيض تؤمن بالديانات السماويه الأخرى ولا تسيئ لأصحاب تلك الديانات بل تعتبرهم أهل الكتاب فلم يجبر عمرو بن العاص الناس على ترك ديانتهم واعتناق الإسلام وإنما ترك لهم حرية الإختيار فأسلم من أسلم وبقى من بقى محتفظاً بديانته المسيحية أو اليهوديه ولكن الإسلام إنتشر فى مصر بسرعة كبيرة وأصبح غالبية المصريون مسلمون عاشقون لدينهم يتمسكون به مؤمنون بالأله الواحد ومصدقون برسوله الكريم ،ومرت السنون والأيام لتشهد مصر خلالها أحداثاً وتغيرات مذهبية فأنتشر فى مصر المذهب الشيعى على أيدى الفاطميين لشدة حب المصريين لأهل البيت حتى جاء صلاح الدين الايوبى فقاد حركة تغيير مذهبية كبيرة جعلت المصريين يختارون المذهب السنى مذهباً للملايين منهم وباتت مصر منذ ذلك الحين دولة إسلامية سنية تحتضن الديانات الأخرى فعاش فيها القبطى واليهودى فى سلام آمنيين ، وخاض الشعب المصرى بأبنائه من أصحاب الديانات الثلاثة حروباً كبيرة وتعرض لغزوات عديدة توحد فيها الجميع فالكل أبناء وطن واحد مهما تعددت المعتقدات إلى أن جاءت نكبة فلسطين فى منتصف القرن الماضى ليغادر المصريون اليهود أرض الكنانه ولم يتبقى منهم إلا عدداً قليلاً، وباتت مصر الإسلامية تحتضن إلى يومنا هذا أبناءها من الأقباط يعيشون ويعملون وينعمون بخيرات مصر مثلهم مثل إخوانهم المسلمين وخلال الثلث الاول من نفس ذلك القرن ظهر فى مصر وعلى يد الشيخ حسن البنا حركة إسلامية أطلق عليها جماعة الأخوان المسلمين والتى كان لها أفكارها ومبادئها التى أجتذبت العديد من المصريين فإنضموا لها وكان لها صولات وجولات فى مجال العمل الدعوى والسياسى إلى أن قامت ثورة يوليو على يد مجموعة من الضباط الشباب والذيم ما لبثوا بعد عدة سنوات أن قاموا بالقبض على قيادات الجماعة والزج بهم ولكل من ينتمى لهم فى السجون، وأعلنت الدولة حظر نشاط وعمل جماعة الإخوان المسلمين، وظلت الأحوال على هذا المنوال سنوات، مما ولد شعوراً لدى قطاع كبير من المسلمين أن هناك اضطهاد للدين من جانب قيادات الدوله فأدى ذلك إلى ظهور تيارات إسلاميه ذات طابع جهادى وتكفيرى ثم حدث ما حدث إبان فترة السبعينات وخلال حكم الرئيس الراحل أنور السادات وبدأ الظهور القوي للتيارات الاسلامية المختلفة والتى خرج منها التيار الجهادى الذى إغتال السادات نفسة وظهرت الجماعة الإسلامية التى كان لها حضور قوي فى الشارع المصرى ساعد على حدوث تحول أيديولوجى كبير فبدأت قطاعات كبيرة من المصريين تتجه نحو التعمق فى الدين. وفى أواخر الثمانينات بدأ ظهور إتجاه جهادي قوى لبعض الجماعات لجأ لإستخدام القوة والعنف من خلال عمليات قتالية وتفجيرات وضرب المنشآت السياحية وقتل الأجانب بهدف إسقاط النظام الحاكم  وقيام الدولة الإسلامية ، مما أدى الى أتخاذ الدولة لأجراءات قمعية لتلك الجماعات وباتت الأمور تسير من سيئ إلى أسوء،ومع ظهور تنظيم القاعده على الساحة العالمية نجح الغرب فى إستغلال تلك الإحداث الداخلية والعالمية فى تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وباتت صورة المسلم فى أى مكان فى العالم مرتبطه بالإرهاب والعنف والإنغلاق والتخلف ، وأمتد هذا الفكر الخاطئ إلى الداخل فبات المصريون المسلمون قبل الأقباط يخشون أن أى نظام سياسى قادم يتبنى الفكر الإسلامى فى الإدارة والقيادة بإعتباره رمزاً للترهيب وكبت الحريات وتحويل المجتمع إلى مجتمع مغلق مقهور يعود بمصر للعصور الوسطى ،وهكذا نجح أعداء الإسلام فى بث روح الخوف والفزع من كل ما هو إسلامى ومع الأسف الشديد فإن بعض من الأفكار والأحاديث والتصرفات والتجاوزات التى تبناها البعض ساعد على نجاح هذا التشويه المتعمد لصورة دين عظيم قام أساساً على السماحه والسلام فكان أسمه الإسلام، وخلال السنوات القليلة الماضية بدأت كثير من التيارات الإسلامية فى إجراء مراجعات هامه للغاية شملت الفكر والرؤى وكان على رأس هذه التيارات الجماعة الإسلامية وتوازى مع هذا ظهوراُ قوياُ لجماعة الأخوان المسلمين وبصورة تبدو معتدلة وفكر إصلاحى بعيداً عن التشدد والعنف مما جعل الكثير من المصريين يحاولون الإقتراب والدراسة وإعادة الحساب والتقييم لفكرة الإسلام السياسى وذلك بالرغم مما يحدث أحياناً من ظهور بعض القيادات  الدينية والتى تدلى بأحاديث وتصريحات تتسبب فى  تخوف البعض مرة أخرى وخوفهم من سيطرة أصحاب تلك الأفكار على مجريات الأمور فى البلاد .ومما لاشك فيه أن الحضور القوى لجماعة الأخوان والجماعة السلفية والجماعة الإسلامية وغيرهم من التيارات الإسلامية خاصة بعد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير جعل كثير من المصريين المسلمين و الأقباط يخشون من سيطرة التيار الدينى على الحكم فى مصر وتحوله لحكم إستبدادى سلطوى مقيد كما قلت من قبل للحريات العامه لا يؤمن بالرأي الأخر ولا يحترم عقائد الأخرين فيوقف النشاط السياحى ويغلق المسارح والسينما ويحرم الفن وما إلى ذلك من أشياء جعلت المصريون يخشون قدوم حكماً بمرجعيه إسلاميه رغم أن الحكم المدني  تحت مظلة الشريعه الإسلامية السمحه لا يمكن أن يكون ضد حرية الأفراد أو يكون ظالماً لغير المسلمين أو محارباً للفكر المحترم أو كابتاً للأفكار التنويرية بل على العكس ، إن الدين الأسلامى دين يراعى حقوق البشر ويعظم من شأنهم، أننا يجب أن نعرف جميعا أن مصر بطبيعتها وأصالة وطيبة شعبها لن تكون أفغانستان أو إيران أو تركيا أو إى بلد أخر وأنما ستظل مصر كما هى دائماً ابداً بلداً يحتضن الجميع لا يفرق بين مواطن وأخر بلد يحمل راية دين العلم والحياة...نعم أنها مصر أرض الكنانه بلد الأزهر الشريف وهنا أقول للأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية و التى باتت الأقرب لتحقيق نسبة عالية من المقاعد البرلمانية أنه أصبح لزاماً عليها أن تتوجه لجموع المصريين مسلميين و أقباط برسالة طمأنه لمستقبل الدولة المصرية التى يجب ألا تقل حالاً عن دولة العلم التى أسسها المسلمون الأوائل عندما قدموا للبشرية علماءً أفذاذاً مثل الحسن بن الهيثم وجابر بن حيان وإبن سينا وإبن النفيس  وغيرهم ممن أناروا مشاعل العلم ووضعوا نظريات وقواعد علمية تأسس عليها العلم الحديث تلك الدوله التى أعطت المثل للعالم كيف أن هذا الدين العظيم دين علم وفكر وحرية ومساواة نعم هذا نموذج لأداره الدوله الحديثة التى نتطلع لها جميعا هذه هى الأمانه التى يجب أن تحملها تلك الأحزاب لتعطى المصريين الأمل فى مستقبل أفضل . إننى كمصرى مسلم لا ينتمى لأى تيار سياسى أرى أن الحكم القادم لابد أن يعلي كلمة الحق ويؤمن بالتقدم التكنولوجى كرؤية مستقبلية للبلاد ويعتبر أن المصريين مسلمين و أقباط مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات فالكل يعيش فى وطن واحد ،حكماً يعتبر الزائر الاجنبى لمصر ضيفاً مرحباً به ،هكذا يكون الحكم الرشيد حكماً مدنياً يمثل الإسلام فيه المصدر الرئيسى للتشريعات حكماً يبني دولة العلم و الأخلاق .


                         ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

جريدة الدستور 14/2/2012
رغيف العيش
أ.د هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

يمثل الخبز بأشكاله وأنواعه المختلفه جزءاً هاماً من الغذاء اليومى لشعوب العالم بإختلاف أطيافها وألوانها،إلا أنه يأخذ وضعاً مختلفاً لدى المصريين فيطلقون عليه العيش، فالمصرى يعتبر أن رغيف الخبز هو الحياه بالنسبه له،حيث يمثل المكون الرئيسي للغذاء لدى القطاع الأكبر من الشعب المصري ولا تخلو وجبة من رغيف العيش، حتى أنهم يصفون الذى يذهب لعمله أنه يسعى لأكل العيش فالكلمه تعنى العمل والحياه معاً وقد كان المصريون القدماء يصنعون الخبز فى أشكال عديدة،وكانوا يعتمدون على محصول الشعير فى صناعة الخبز حتى أنتشرت زراعته على ضفاف نهر النيل، وفى عهد الإمبراطوريه الرومانيه كانت جيوشها تعتمد فى تغذيتها على الخبز المصنوع من الشعير المزروع فى الصحراء الغربيه المصريه،وذلك للقيمه الغذائيه العاليه لهذا النبات وقدرته على توفير الطاقة اللازمه للجنود، كما أن الدراسات الحديثه أثبتت أنه يمنع الإصابه بالعديد من الأمراض الحميده والخبيثه وذلك لما تحتويه الحبوب من فيتامينات مضادة للأكسده  تمنع تأثير الشوارد الحره والتى تؤدى للإصابه بالعديد من الأمراض المناعيه والسرطانيه، كذلك تمنع الإصابه بأمراض القولون المختلفه ،وتساعد على تحسين الدوره الدمويه وأمداد الجسم بالطاقه. إلا أنه وفى العصور الحديثه لجأت الشعوب لصناعة الخبز من القمح نظراً لطعمه الأفضل والمستساغ بالمقارنه بالشعير وبات رغيف الخبز يأخذ أشكالاً وألواناً مختلفه تختلف حسب درجة ونسبة دقيق القمح الداخل فى صناعته ، وفى مصر كما فى سائر دول العالم يقدم الرغيف المصنوع من القمح على مائدة المصريين بصوره المختلفه ،إلا أنه ومنذ عدة سنوات بات رغيف الخبز يمثل مشكلة كبيرة وعلامة إستفهام لدى المواطن المصرى بسبب سوء حالته تاره ونقص المعروض منه تاره وارتفاع أسعاره تارة أخرى، بل أن الموضوع أصبح يسبب العديد من الأزمات حتى وصل لدرجة الإقتتال وفقد الأبرياء لإرواحهم نتيجة التزاحم على طوابير الخبز،وهكذا صنعت الحكومات المتعاقبه أزمه أطلق عليها أزمة رغيف العيش نتيجة محدودية المساحه المنزرعه بالقمح مما أدى الى توافر النصف فقط من احتياجات الدوله من هذا المحصول الإستراتيجى والذى دفع الدوله سنوياً لإستيراد النصف الباقى من الخارج ،وقد صاحب ذلك حدوث العديد من المشاكل الاقتصاديه والسياسيه ،حيث يتطلب ذلك توفير المليارات من الدولارات التى تدفع ثمناً للإستيراد هذا بجانب الممارسات الغير أخلاقيه، التى صاحبت إستيراد رسالات قمح فاسدة وأخرى مغشوشه وإلى أخره مما أدى الى حدوث نوع أخر من الأزمات بخلاف أزمة نقص الرغيف نفسه ، وبمنتهى الأمانه فإن جميع الحكومات السابقه فشلت تماماً فى إيجاد حلاً عملياً لهذ المشكله والتى تمثل واحدة من أخطر الأزمات التى تواجهنا فى السنوات الأخيرة ولازالت قائمه حتى كتابة هذه السطور.
ومن أجل إيجاد حل لهذه القضية إجتهدت العديد من مراكز الأبحاث والجامعات المصريه من أجل وضع حلول علميه لأزمة رغيف العيش ،وفى إعتقادي أن واحد من أهم هذه الدراسات والتى تمثل حلاً جديداً وعلمياً للمشكله هى تلك الدراسة الناجحه التى قام بها مجموعه من الباحثين بالمركز القومى للبحوث منذ حوالى أربعة سنوات وكان لي شرف المتابعة والأشراف عليها عندما كنت رئيساً للمركز، حيث أمكن بنجاح تحضير رغيف خبز جديد يحتوى على نسبه خمسة وسبعين فى المائه من دقيق القمح وخمسة وعشرين فى المائه من دقيق الشعير ،وتميز هذا الرغيف بجودة عالية وطعم مستساغ لا يمكن تفريقه عن الرغيف العادى المصنوع من القمح ، إلا أنه بالإضافه لذلك فإنه يتميز بقيمته الغذائيه الأعلى والأكثر فائدة من الناحيه الصحية،وفى نفس الوقت فإن انتاجه على مستوى يكفي حاجة البلد يمكن أن يؤدي إلي الإستغناء عن نصف كمية القمح التى تستوردها الدوله من الخارج وما يتبع ذلك من توفير للعمله الصعبه التى يتم توفيرها من الميزانيه لهذا الغرض، وقد يتسائل البعض وأين تتم زراعة محصول الشعير فى ظل محدودية المساحات المتاحه من الأراضى الزراعية المصرية وتناقص حصة مصر من مياه النيل ،والأجابة تتمثل أيضاً فى النتيجه التى توصلت اليها دراسة المركز القومى للبحوث حيث أجريت تجربه موسعه على زراعة الشعير فى الأراضى الرملية المحيطه ببحيرات وادى الريان بمحافظة الفيوم والتى تبلغ مساحتها الاف الأفدنه والغير مستغله تماماً وتتوافر بها المياه الصالحه للري من البحيرا نفسها، كما أن طبيعة الارض المحيطه بتلك البحيرات لا تصلح لزراعة أى محاصيل سوى الشعير فقط، وبالتالى يمكن للدوله زراعة تلك الأراضى بهذا المحصول دون الحاجه للزراعة فى أرض الوادى القديم ودون الحاجه للرى من مياه النيل وسوف يؤدى هذا إلى إيجاد فرص عمل وخلق حياه جديدة بتلك المناطق وتصبح الفيوم محافظه منتجه للشعير بل يمكن أيضاً تصدير كميات إضافية منه للخارج حيث أنه ضمن المحاصيل التى تأتي عليها طلبات كثيره من الدول الأوروبيه وتبلغ أسعاره هناك نفس أسعار القمح تقريباً ، وقد أثبتت تجربة زراعة الشعير التى أجراها علماء المركز القومى للبحوث فى تلك المنطقة ارتفاع انتاجية الفدان بشكل إقتصادى كبير خاصة من الأصناف الممتازة من الشعير والتى تصلح للخلط بالقمح ، كل هذا بالإضافه إلى إمكانية زراعة كميات أخرى من محصول الشعير على مياه الأمطار على الساحل الشمالى المصرى من رفح وحتى السلوم، حتى لو كانت بكميات أقل إلا أننا فى المجموع الكلى للمزروع حول بحيرات وادى الريان بالإضافه إلى المنزرع فى الساحل الشمالى نكون قد وفرنا الكمية المطلوبه من الشعير التى تكفى لخلطها بالقمح لانتاج الرغيف ووفرنا الكميه المماثله من القمح والتي يتم استيرادها سنوياً وذلك يمثل حلاً علميأ وواقعياً لمشكلة رغيف العيش المصرى.
إننا نأمل أن تقوم الحكومه المصريه بالإطلاع على نتائج تلك الدراسات العلميه والعمل على تطبيقها على أرض الواقع حتى نستطيع أن نواجه تلك المشكله الهامه والتى تتزايد يوماً بعد يوم وتمثل عبئاً كبيراً على المواطن قبل الدوله.
                    ــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الدستور 21/9/2011

إدارة الأزمات
الأستاذ الدكتور /هانى الناظر
رئيس المركز القومى للبحوث السابق

تتعرض بلدان العالم المختلفة لصور متباينه من الكوارث قد تكون طبيعية وقد تكون صناعية من صنع الإنسان نفسه .والكوارث الطبيعية تأخذ أشكالاً عديدة كالاًعاصير والزلازل والبراكين والفيضانات والسيول وغيرها أما تلك التي من صنع البشر فلها أيضا أشكالا مختلفة ما بين حوادث الطرق والقطارت وغرق السفن وإنهيار المباني وكوارث التلوث البيئي والصحي ولعل أشهرها في الزمن المعاصر كانت كارثة تشرنوبل وما أعقبها من مشاكل بيئية وغذائية وصحية وقد تأخذ الكوارث أنماطا مختلفة مثل ما يحدث من إنهيارات اقتصادية كما حدث خلال العامين الماضيين من كارثة اقتصادية عالمية بدأت بانهيار وافلاس بعض البنوك الكبري بالولايات المتحدة الأمريكية والتي امتدت لبلاد العالم لتحدث في النهاية أزمة أقتصادية عالمية تركت أثاراً بالغة السوء في أرجاء المعمورة , بل لعل إنتشار وباء أنفلونزا الخنازير ومن قبلها أنفلونزا الطيور يعتبر مثلاً أخر لنوعية من الكوارث التي تبدو في ظاهرها طبيعية ولكن الإنسان يلعب دوراً رئيسياً ً في انتشارها , إن لم يكن سبباً غير مباشراً في ظهورها في. وبعيدا عن هذا وذاك قد يتسبب الإنسان في إثارة بعض المشاكل التي قد ما تلبث أن تتحول الي كوارث حقيقية كما حدث مؤخراً في مباراة رياضية بين فريقين عربيين هما مصر والجزائر فإذا بالرياضة والمنافسة الشريفة يتحولان إلي كارثة بمعني الكلمة.
وهكذا  نجد أن حدوث الكوارث أمراً لا مفر منه تتعرض له المجتمعات الانسانية المختلفة ومصر مثلها مثل بلدان العالم تتعرض للكوارث ولكن من رحمة المولى عز وجل على هذا الوطن أن جعله يتميز بموقع جغرافي ومناخ يجعله الي حد ما بعيداً واَمناً عن معظم الكوارث الطبيعية الضخمة , اللهم  بعض الحالات القليلة مثل الهزات الأرضية والتي كان أشهرها زلزال أكتوبر عام 1992 وقد تتعرض مناطق الصعيد ومناطق البحر الأحمر وسيناء إلي بعض السيول ولكنها والحمد لله ليست كتلك التي نسمع عنها في مناطق أخرى من العالم كتلك التي تغمرها الفيضانات وتدمرها الأعاصير , ولكن الأخطر من هذا وذاك هي تلك الكوارث الصناعية التي يتسبب فيها الإنسان وما أكثرها للأسف الشديد في مصر وأشهرها حوادث الطرق و حوادث القطارات ولعلنا نضيف أيضا تلك الإنهيارات للمنازل وإنفجار مواسير المياه وتلوث البيئة كحرق قش الارز , وتلوث المياة بل إنني لا أعتبر نفسي قد بعدت كثيراً عندما أنظر لمشكلتي القمامة والمرور علي إنها كارثتين صناعيتين .
 وفي حقيقة الأمر فإن موضوع الكوارث سوف يقودنا إلي لب القضية التي نتحدث عنها اليوم وهي إدارة الأزمات ذلك لأن تلك الكوارث سواء كانت طبيعية أو صناعية هي في حقيقة الأمر أزمات تتبعها مشاكل عديده على مستوى الفرد وعلي مستوى الدولة بشكل عام كما تنعكس بدورها علي الإقتصاد القومي ومعدل النمو وحركة التطور المجتمعي , ومما لاشك فيه أن تلافي أو منع الكوارث الطبيعية يعتبر من المستحيلات أما تلك الصناعية التي يصنعها الإنسان فإنه بالتأكيد يمكن منعها من قبل حدوثها وتلافي مضاعفاتها , وهذا يحتاج إلي ما نطلق علية إدارة الأزمات , والتي تعتبر عاملاً أساسياً في التعامل مع الكوارث الطبيعية عند حدوثها وتمثل في نفس الوقت الوسيله الفعاله لمنع الكوارث الصناعية , ومنع تداعياتها في حالة حدوثها . أي أن المقصود بإدارة الأزمات هو وجود آلية فعالة تتعامل مع الأزمات بصوره علميه تمنع تأثر الأفراد والمجتمع والدوله بتداعيات الكوارث المختلفة التي قد تحدث في أي لحظة , والمتابع للحال في مصر نجد أن المسئولين في الدولة سواء كانوا محافظين أو وزراء يتحملون العبء الأكبر في هذه القضية وعندما تحدث أزمة في محافظة من المحافظات نجد المحافظ  ينتقل من محطة فضائية لأخري ليوضح  ويوضح  كيف أن المحافظة والمسئولين بها لا يدخرون جهداً لحل المشكلة , وعلي الجانب الأخر نجد المذيعين والمعلقين والجمهور يكيلون لهم الاتهامات والنقد , ونفس الحال إذا حدثت مشكلة ما تتبع أحد الوزارات فنجد نفس القصة فالوزير يشرح دون أن يحل المشكلة والإعلام والجمهور يهاجم وينتقد إلي أن تنتهي المشكلة وتنتهي الأمور لتحدث مشكلة أخرى في محافظة أخرى أو وزارة أخر وتحدث الكره مرات ومرات والأزمات لا تتوقف بل لعلي أكون صريحاً عندما أقول أنها في تزايد يوماً بعد يوم وهنا لابد أن نقف جميعاً وقفة حقيقية وعلمية ودعونا نبحث عن حلاً علمياً لتلك المشكلة, ولعلنا في هذا الصدد نبدأ في دراسة بعض المقترحات التطبيقية التي يمكن اللجوء إليها وذلك من خلال طرح فكرة إنشاء هياكل إدارية جديدة تلحق بكل محافظه وكل وزارة , فعلي سبيل المثال يمكن إنشاء ما يعرف بإسم مجلس الدراسات والتطوير ويكون هذا المجلس تابعاً للسيد المحافظ أو السيد الوزير يرأسه بنفسه ويضم هذا المجلس مجموعه منتقاه من العلماء وأساتذة الجامعات في تخصصات مختلفة تضم الهندسة والزراعة والطب والأقتصاد والحقوق والعلوم إلي اخره , هذه المجموعة تكون في حدود خمسة عشر عالماً وخبيراً يتم اختيارهم بمعايير الكفاءه العلمية والخبرات التطبيقية السابقه , والسمعه المتميزة  ولا يتم أختيارهم علي الإطلاق من خلال الأصدقاء أو المعارف أو التوصيات ويمكننا في هذه الحالة الأستعانه بجهات مصرية محترمة للغاية تقيم وتعرف جيداً المتميزين من غير المتميزين .
ويعتبر هذا المجلس في حالة أجتماع دائم بصفة دورية بمعدل كل 15 يوم أو شهر , وتكون مهمة هذا المجلس دراسة وتحليل الأوضاع المختلفة للمحافظة او الوزارة ويضع أكثر من تصور لتطوير العمل ووضع الخطط الإستراتيجية المستقبلية أي أنه يمثل العقل المفكر الذي يدعم المسئول في عملة فيضع كل الأمور و الحقائق و التطورات المستقبليه أمامه مما يخلق رؤية علمية تؤدي إلي تحقيق إنجازات ونجاحات غير مسبوقة .
أما الهيكل الأخر الموازي لهذا الهيكل فيمكن تسميته مجلس إدارة الأزمات وهو أيضا يتكون من مجموعة مماثلة من العلماء والخبرات في التخصصات المختلفة علي ان يكون لهم خبرات في عمليات إدارة الأزمات , وهذا المجلس يكون في حالة أنعقاد دورى مستمرلايستدعي أو ترتبط أجتماعاته بحدوث أزمات أو كوارث لأن هذا هو أساس المشكلة , فنحن نتحرك دائماً بعد حدوث الأزمات وهذا خطأ شائع أذ لابد ان يكون الإستعداد دائماً قبل الأزمة وليس بعدها ويكون عمل هذا المجلس مكون من شقين , الشق الأول هو وضع الأقتراحات والتصورات المحتملة لحدوث الأزمات بأشكالها المختلفة والمتعلقة بالمحافظة أو بنشاط الوزارة المعنية وكذلك الاسباب التي تؤدي لتلك الأزمات ثم وضع الأليات العلمية لمنع حدوث تلك الأزمات وتجنب أسبابها وهذا بدوره وسيله حاسمة وفعاله لمنع حدوث الأزمات من الاساس فالوقاية خير من العلاج كما نعرف جميعاً أما الشق الثاني من عمل المجلس فهو يقوم أساساً علي الشق الأول فبعد  القيام بالدراسات التحليلية ووضع التصورات لما يمكن أن يحدث من أزمات يقوم المجلس بوضع السيناريوهات المختلفه الواجب اتخاذها والقيام بها مباشرة عند حدوث الأزمة على المستوى الأداري والفني وكذالك المستوى الميداني بالأضافة للجانب الأعلامي وهو نقطة غاية في الأهمية عند التعامل مع الأزمات الحقيقة .
هذا بالضبط هو الدور المنوط به لمجلس إدارة الأزمات الذي يضع الاقتراحات وكيفية التعامل معها بصورة علمية ووضع كل ذلك في ملفات جاهزة للتنفيذ إذا لا قدر الله وحدثت مشكلة أو أزمة لا شك أن وجود هذا المجلس وبصوره حقيقية وليست ورقية سوف يؤدي الي عدم الوقوع في الكثير من المشاكل والأزمات . وفي تصورنا أن مجلسين أحدهما للدرسات والتطوير والأخر لإدارة الأزمات يتبعان كل مسئول سواء محافظاً أو وزيراً مع وجود تنسيق بين المجلسين وضرورة عقد اجتماع مشترك لهما معاً وبرئاسة المسئول ويكون بصفة دورية سوف يلعبان دوراً علمياً وكبيراً بل أنني أتصور أنهما سوف يمثلان البوصلة والدفة اللتين يستعين بهما قبطان السفينة عندما يبحر ويتطلع لتحقيق أماله وأمال الأخرين من اللذين ينتظرون وصوله لبر الأمان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.